محمود تيسير عواد: على امل عهد جديد!

التاريخ : 2018-11-16 07:49:57 |

سطّرت الجماهير الفحماوية، التي عاشت فجر الاربعاء حلم التغيير، أروع ملاحم صور التآخي والتوافق، ضمن الجولتين لانتخاب رئيس بلدية جديد، ضاربة للبلاد قاطبة امثلة حية في كنه ممارسة اللعبة الديمقراطية، موثقة للأجيال الصاعدة ارشيفا حافلا بصور المحبة والحوار الخلاق.

هذه الجماهير، التي ما خابت آمالنا المعقودة عليها في يوم من الأيام، كانت على موعد مع إنجاح ارادتها في تغيير نهج اداري امتد لعقد من الزمان، بعد ان باتت تواقة للنهوض بمكانة بلدها  المرموقة، المحيدة لحين من الوقت، بفعل عدة عوامل، أتت بالتأثير السلبي على مسيرة العمران والتعمير.

لم يكن ليأتي ذلك التغيير عبثا، او من فراغ مطلق، بل انها الحاجة الملحة التي دفعت السواد الأكبر من جماهير هذا البلد المعطاء وكوادره الغنية بالحماس والمعرفة، للبحث عن سبل نجاة، ومناهج إدارة جديدة كفيلة بمجابهة كم التحديات المحدقة بمستقبل جيل كامل، وبلد في أمسّ الحاجة لإدارة واعية تعي عظم مشاكلنا اليومية، التي كانت نتاج اهمال اداري ربما، او قلة إلمام بالمتغيرات المتسارعة، والتي ما طوعت قدراتها ومهامها وميزانياتها المتوفرة في سبيل التأقلم ومتطلبات كل مرحلة من مراحل تطور هذا البلد ديموغرافيا وعمرانيا وخدماتيا.

بعد ان أفقنا من نشوة افراحنا، وأغدقنا بسيل من التبريكات على رئيس المرحلة القادمة، كنا على موعد مع ذلك الواقع الذي نحياه  منذ سنين طويلة. ولا اخفي القارئ العزيز تصوري الواقعي مع فاتحة هذه المرحلة الجديدة. لا بل لا اخفيه بان مهام الرئيس الجديد لن تكون بتلك السهولة، من باب الموضوعية، وبعيدا عن أي أحلام وردية، انما تتطلب التكاتف والالتفاف حول إدارة يجب ان تكون واعية وبعيدة عن المصالح الشخصية والمحسوبية، في سبيل إنجاح إرادة جماهيرنا التي منحته ثقتها الغالية، على امل تحقيق حقوق مشروعة وحيوية تكفل لهذا البلد وأهله العيش الكريم الآمن، البعيد عن أية منغصات خالية من العبث بواجباتنا وحقوقنا، الملقاة على عاتقه ادبيا ومهنيا مهمة تسييرها بمهنية وتفانٍ منقطع النظير.

لن اغفل، بالإضافة الى دور الإدارة الجديدة، دورنا نحن كمجتمع متكافل ومسؤول، في إنجاح هذه المرحلة الجديدة من تاريخ بلدنا الحبيب، من خلال نبذ تلك النبرة العنيفة في خطاباتنا، ووجوب تحييد تلك الخلافات التافهة التي كادت ان تهوي ببعض أسس مجتمعنا الى الحضيض في بعض الأحيان، بل بعد ان بات النقد الهدام سيد الموقف، في فترة من فترات هذا البلد الحالكة، بفعل تناسي واجبنا كأفراد وجماعات، في اسداء تلك النصيحة الخلاقة الى مرشحينا ومتقلدي مهام إدارة شؤن امورنا الخدماتية، على ان تخلو من المداهنة واخفاء الحقيقة، والتي كانت لتكفل عدم انجرارنا الى النعرة العائلية او الحزبية، والتراشق بالتهم الباطلة، لأجل مصلحة وقتية  شخصية، لا تزيد الطين الا بلة.

وهنا اوجّه رسالة الى رئيس البلدية الجديد بعد الدعاء له بالتوفيق والسداد، فقد وددت ان الفت انظاره الى عدد من النقاط من باب التذكير لا غير، وانا الذي منحت له ثقتي كالكثير من أبناء بلدي بعد ان لمحت في ارادته العزيمة المتقدة، وحبه المتفاني لمسقط رأسه الحبيب، بان هذه الجماهير أولا تستحق احتراما لإرادتها باختيارك، احتراما بالمقابل. وتستحق خدمات كاملة كما وعدتها ابان الحملة الانتخابية، بعد ان لمحت في شخصك الكريم تلك النقطة من الضوء في آخر نفقها الذي اظلم لبرهة من الوقت. وهي التي ساندتك في مهمة وصولك الى كرسي إدارة امورها بحكمة ومهنية، فكن على قدر كبير من تلك المسؤولية الثقيلة.

لن تتوقف مهمتنا بتبديل الإدارة، او باختيار رئيس جديد، بل انها البداية اخالها في مهمة مراقبة تلك الخطوات الموعودة بها جماهيرنا، من باب النقد عن أي تقصير وارد، او في مهمة التشجيع عقب أي انجاز منتظر.

ولن يتوقف عطاء هذه الجماهير عند أبواب صندوق الاقتراع، وهي التي شهدت لها البلاد قاطبة بتلبية واجب تقديم الدعم للغريب قبل القريب، فكيف بها وبلدها يطلب دعمها للنهوض به أخيرا، بعيدا عن مستنقعات التخاصم والشقاق؟!

انها صفحة أخرى طويت من كتاب هذا البلد الحبيب، بحلوها ومرها، بحزنها وفرحها، بإنجازاتها وتقصيرها، ولكنه الفجر الجديد أيضا بالمقابل يهم بالبزوغ، ويزاحم خيوط الظلام الكثيرة، معلنا بداية عهد جديد، مشرق في السباق الى القمة، قمة الرفعة، والتآخي والوداد.

دامت ام الفحم مثالاً للرقي، تحتذي حذوها سائر البلدان...!!