|
|
|
الدولة الديمقراطية الواحدة ليست يوتوبيا..عوض عبد الفتاحالتاريخ : 2019-03-17 11:36:34 |يَظنُّ البعض أنَّ الانشغال بحل الدولة الواحدة في فلسطين التاريخية ، ترفٌ فكريٌ أو تصورٌطوباوي . وبعضٌ آخر يتسرع بالقول أن هذا الانشغال هو هروبٌ من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الحادة التي تواجه المواطن وتثقل كاهله . واخرون غيرهم ، يدعون بأن هذا الطرح مضاد للإجماع الوطني الفلسطيني والدولي، وانه ليس بالضرورة تحديد نوع الحل وليكتفي الفلسطينيون بتبني تفكيك الاستعمار . وهناك ادعاءات كثيرة اخرى . وأَدّعي، كغيري من المنادين بالدولة الواحدة ، والذي يزداد عددهم ، أن كل هذه الادعاءات ، هي نتاج نهج سياسي دشن مرحلة سياسية هجينة، تراكمت فيها الهزائم ، وأنتجت ورسخت ، مقاربات ومفاهيم ، بدت في اول المرحلة واقعية وقابلة للتحقق ، ولكنها إنتهت إلى حالة سياسية انهزامية، تسببت في نشر مشاعر الاحباط وفقدان الثقة بالنخب ، والأمل في المستقبل . كما حيّد نهج التسوية فئات واسعة من شعبنا عن النضال ، وأد إلى تمديد عمر المشروع الكولونيالي ، وتوسعه وتعمقه ، في كافة أنحاء فلسطين التاريخية . جميع هذه الادعاءات والتساؤلات ، المشروعة أحياناً ، حاضرة في وعي انصار الدولة الواحدة ، ولا يتجاهلونها ، بل بالعكس ، يتصدون لها باعتبارها جزءً من التحديات التي تقف امام هذه الرؤية ، وهذا الحل التحرري الديمقراطي . والجميع مدعوٌ للإدلاء بدلوه لإيجاد مخرجٍ آمن مما وصلنا اليه . في ظل السيطرة الكولونيالية الصهيونية الكاملة على الوطن ، وفِي ظل التشظي السياسي ، وغياب الفعل المقاوم المنظم ، بتنا، كشعب وقضية ، نحتاج الى التراجع خطوة الى الوراء، نراجع المرحلة ونعيد ترتيب صفوفنا، وأوّلها اعادة بناء الرؤية التحررية التي جمعت واستنهضت ووحّدت ،في الماضي القريب ، شعب فلسطين ، باعتباره شعباً يخوض كفاحاَ للتحرر من استعمار كولونيالي . وفِي صلب هذه المهمة إعادة التثقيف على القيم الوطنية التحررية ، والروح الجماعية ، المطلوبة الان بشدّة. وفِي إطار هذه المقاربة يشكل الدفاع عن الرابط الثقافي التاريخي المشترك ، الذي طالته التشوهات بفعل الانزلاق الى نهج انهزامي كرسته الطبقة السياسية الفلسطينية، مهمة وطنية ملحة، وبالغة الأهمية . وحين تصل الطبقة السياسية الى أوج عجزها، وبؤسها، تنتقل المبادرة الى الشعب مباشرة ، وتحديداً الى طلائعه الأكثر وعيا ، التي تنجح في استعادة المنطلقات الأولية وتطوّر، وعياً تحررياً، حديثاً ، يلائم المتغيرات والخصوصيات الناشئة في اوساط كل جزء من الشعب الفلسطيني ، وهذا ما نشهده في أماكن متفرقة على الساحة الفلسطينية . وفي ظروف الانسداد الخانق ، يعتري المستعمر شعور بالانتصار ونشوة القوة ، ويُقدّر أنّ اللحظة مواتية لتحويل الفلسطينيين ، أصحاب الوطن ، الى مجرد مستهلكين لما ينتجه، بالقدر الذي تسمح به قدراتهم الشرائية، ليتكيفوا ، مع مرور الوقت، مع وجود فيزيائي منزوع من الحقوق القومية والسياسية، وفي مقدمتها حق تقرير المصير والحق في الحريّة والكرامة. ومن هنا تتواتر المشاريع الخارجية التصفوية، سواء من الدولة الإمبريالية الاكبر ، الولايات المتحدة الامريكية ، او من اوروبا ، ومن اسرائيل بالطبع ، التي تشكل المشاريع الاقتصادية جوهرها ، وليس العدالة او التحرر والحرية لشعب خاضع لنظام فصل عنصري كولونيالي متوحش . تسعى مبادرة ״ حملة الدولة الديمقراطية في فلسطين ״ الى المساهمة في تشييد منبرٍ جديد ، لتوليد ثقافة سياسة تحررية ، وطنية ، وديمقراطية، ذات بعد انساني ، والتواصل ، بقدر استطاعتها ، مع المثقفين والأكاديميين النقديين ، ومع طلائع الشباب الفلسطيني، في كل مكان. وتطمح من خلال ذلك، على المستوى المتوسط ، الى خلق نواة منتجة واسعة، من هذه الفئات الفاعلة والناشطة ، المتحررة من السلوك والنهج السياسي المحافظين،واللذين باتا يشكلان عائقاً خطيراً امام استنهاض العقل الفلسطيني ، مجدداً ، واستعادة الثقة بقدرات الشعب وتوليد خطاب امل . ليس أعضاء الحملة منقطعين عن الواقع، ولا هم طوباويين. إنّ جُلّهم، كانوا وما زالوا، نشطاء ميدانيين، إما في احزابهم وحركاتهم ، او في أُطر شعبية، ومدنية، واجتماعية، في خدمة شعبهم . وبعضهم دأب منذ سنين على انتاج فكر سياسي نقدي ، وتحليلٍ للحالة الراهنة ومتطلبات مواجهتها . وهذا ينطبق على معظم،إن لم يكن جميع المبادرين، فلسطينيين ويهوداً ، من داخل المنطقة المحتلة عام ١٩٤٨. كما ينطبق على المشاركين في الحملة من الشتات، بل تغريني الإشارة الى دور زملائنا في قطاع غزة ، واخصّ ، على سبيل المثال لا الحصر، أستاذ الأدب الانجليزي ، في جامعة الأزهر ، الدكتور حيدر عيد ، الناشط في حركة المقاطعة ، BDS ، والذي يشارك، أسبوعياً، جموع المناضلين في مسيرة العودة الكبرى . وكذلك الشاب، الكاتب ( المتديّن ) ، احمد ابورتيمة ، احد المبادرين لمسيرة العودة الكبرى ، والمؤيد لحل الدولة الديمقراطية في فلسطين . وهذا ينطبق على النشطاء في القدس والضفة الغربية ، وفِي بلاد الشتات ، خاصة أوروبا والأمريكيتين . تسعى حملة الدولة الديمقراطية الواحدة ، بصورة منهجية ، وبحدود امكانياتها الراهنة ، الى نشر الفكر النقدي للحالة الفلسطينية الراهنة ، وتعميم وعي بديل ، بوحدة فلسطين ، أرضا وشعبا ، روايةً وتاريخاً ، وترى أن إستعادة الوعي بالرواية الواحدة ، وبوحدة الشعب الوطنية ، مقدمة أساسية لتغيير ميزان القوى . تفترض حملة الدولة الواحدة أن النجاح في توفير الأرضية الثقافية والفكرية مُجسدة في رؤية وطنية وديمقراطية لمستقبل فلسطين ، من شأنها أن تخلق دينامية او ديناميات يتمخض عنها أُطرٌ او منظمات شعبية تحمل هذا التوجه ، وتسعى الى التحالف االإندماج في سياق تطور العملية النضالية ، وهو الطريق الذي عرفته الحركة الوطنية المعاصرة ، وكل الحركات التحررية في العالم . بكلمات اخرى ، إن خوضَ نشاط منظم ،مسلحاً برسالة كهذه ، إذا قُدّر له الاتساع والتمدد، يعني عملياً، خوض عملية تحرر يومي للإنسان الفلسطيني ، تحررا من سطوة الحالة الراهنة ، ومن مفاهيمها المحافظة ، والانهزامية ، وإطلاقاً لطاقاته المختزنة . بل من شأن هذا النشاط المصل ان يوفر المصل المضاد لحالة الخواء الفكري ، والهزال السياسي ، الذي يجتاح الساحة الفلسطينية ، في كل التجمعات. يمكننا تخيل، فيما لو تواصل العمل كما هو مخطط، مشهداَ جديداَ تعود اليه السياسية ، ومفاهيمها الاخلاقية التحررية ٠والتي كفت الفصائل والأحزاب عن توفيرها . ولذلك يجتهد المبادرون الى تحويل الحملة الى رافعة تعبوية وتثقيفية وتربوية بين جموع الشباب ، وتوفير منبر لطلائعهم الواعية ، لأن مشروع الدولة الديمقراطية الواحدة ، ليس حلا سحريا وقريباً للقضية الفلسطينية ، بل هو المشروع المستقبلي لشعبنا ولأجياله الشابة ، ابناؤنا وبناتنا . ينظر المبادرون الى هذا الحل باعتباره مشروعاً تاريخيا ، وبالتالي يدركون أهمية اعتماد برامج يومية ومرحلية ، تبدأ بالتفكير والتعلم والتثقيف الذاتي ، وبلورة الرؤية ، مروراً بالتواصل ميدانيا ، في الساحات الطلابية والشعبية ، وبناء الخلايا ، والأطر ، واللجان الشعبية ، والمؤسسات الاجتماعية ، والثقافية ، ومنابر الحوار ، والمؤسسات الاقتصادية . هي حملة ، ولكنها مفتوحة على التطور الى حركة شعبية تنخرط في الحركة النضالية لشعبنا ، المشتركة مع اليهود الاسرائيليين المناهضين للاستعمار والابارتهايد، من أجل تفكيك منظومة القهر وهياكله الاستعمارية والعنصرية ، وتحقيق العدالة ، وتوفير الحياة الحرة الآمنه لكل من يعيش على فلسطين ، ومن طُرد منها .
تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |