احمد كيوان: سباق مع الزمن

التاريخ : 2019-05-24 09:50:59 |

تنفس العالم الصعداء بع التصريحات الاخيرة للقادة الايرانيين والرئيس الامريكي، تلك التي اعطت فسحة للأمل قد تمنع نشوب الحرب التي يسعى اليها اولئك المحرضون عليها دون توقف. فقد صرح الجنرال سلامي، قائد الحرس الثوري الايراني، بانه لن تكون هناك حرب. وتزامن ذلك مع تصريح للرئيس الامريكي مؤداه ان امريكا لا تريد الحرب هي الاخرى، الا اذا هوجمت قواتها او مصالحها في المنطقة.

 وربما تكون هذه التصريحات نزعا لفتيل كاد ينفجر مع الحشد العسكري الامريكي غير المسبوق في منطقة الخليج. وقد لاحظ المراقبون بعض الخطوات التي تؤشر الى استبعاد الحرب على الاقل في هذه المرحلة. فقد وصل الرئيس السويسري الى واشنطن في زيارة مفاجئة، وسويسرا كما هو معروف هي التي ترعى المصالح الامريكية في طهران منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وقد يكون الرئيس ترامب هو الذي طالب بمجيء الرئيس السويسري للقيام بوساطة مع ايران. وفي نفس الوقت كان وزير الخارجية العماني بن علوي في طهران.

 وهذا يرجح قيام وساطة ما بين ايران والولايات المتحدة قد تفضي آخر المطاف الى استبعاد المواجهة العسكرية مستقبلا بين البلدين. وإيران غير راغبة في حرب كهذه، غي انها رافضة لأية مفاوضات مع الطرف الامريكي تحت التهديد. لكن ذلك كله غير كاف لان الاهداف الامريكية والإيرانية في حالة صدام دائم منذ اربعة عقود. ومع الانفراج الجزئي في حالة التوتر الذي ساد في الاسابيع الاخيرة، الا ان اطرافا اقليمية لم يرق لها هذا الانفراج لأنها راهنت على توريط الجانب الامريكي في حرب مع ايران، يتمنون قيامها ويعملون على اشعالها. فالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز اسقط في يده، وراح يدعو لعقد مؤتمر لدول الخليج وكذلك لمؤتمر قمة عربية، قبل نهاية شهر ايار الحالي، مع ان مؤتمر القمة السنوي عقد قبل اقل من شهرين في تونس. وربما يكون سلمان البائس واليائس يتوهم ان يجد فرجا من دول عربية يريد زجها في صراع مع ايران، وفي مقدمتها مصر التي لن تنخدع ابدا بنوايا حكام السعودية.

 كما ان نتنياهو لم يعجبه التراجع الامريكي، وهو من اكبر المحرضين للحرب على ايران، لا سيما وان معه مجموعة متعصبة وحاقدة ومن غلاة المحافظين الجدد المتصهينين، وفي مقدمتهم مستشار الامن القومي الامريكي بولتون، ونائب الرئيس بينيس، ووزير الخارجية بومبيو. وهذا الثالوث هو الذي يدفع ادارة ترامب باتجاه الحرب خدمة للأهداف الاسرائيلية في الدرجة الاولى. وربما يكون هؤلاء قد اقنعوا الرئيس بأنه بالإمكان فرض اتفاق نووي جديد على طهران، يكون انجازه الاكبر في الانتخابات الامريكية العام القادم، من اجل اعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية. وهؤلاء لن يلزموا الهدوء في الفترة المقبلة، ويبحثون عن اية وسيلة لتوريط ترامب في استعمال القوة مع ايران.

 وفي هذا الاطار تأتي القذيفة الصاروخية التي استهدفت محيط السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء في بغداد، حتى يتهموا ايران باستهداف المصالح الامريكية. وقد يعمل هؤلاء على حماقة ما تستهدف بارجة امريكية في الخليج، كي تتهم ايران، ويجبروا ترامب على الرد. فالإسرائيلي لن يهدأ ولن يقبل بحلحلة الأوضاع، وكذلك الرجعية السعودية العالقة في وحل حربها القذرة على اليمن.

 وهناك كما ارى سباق محموم مع الزمن، وفي ظني انهم سيبوؤون بالفشل الذريع. ونحن كمؤمنين نؤكد في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك قول الله سبحانه وتعالى: "كلما اوقدوا نارا للحرب اطفأها الله".

وفي كل الحالات فإنني اؤكد مرة اخرى ان محور المقاومة لا يريد الحرب، لكنه لا يخافها، والمحور الآخر هو الذي يرغب فيها لكنه يخافها..!!