اتحدث معكم اليوم كرجل تربية لعشرات السنين في تنشئة الأجيال، سواء كمعلم او مربٍ او نائب مدير او مدير او محاضر.

صحيح أنه لم يتبقَ من السنة الدراسية الا القليل، وأن الطلاب على أبواب عطلة صيفية طويلة، وصحيح أن ازمة الكورونا تسببت بتعطيل الحياة الطبيعية كلها ومن ضمنها قد نضطر لتعطيل عدد من المدارس في بعض الأحيان لحالات مرضية، وصحيح أيضا أن طلابنا يسهرون في رمضان حتى السحور ولا يذهبون إلى المدارس لقلة النوم، وصحيح كذلك أن الآراء الكثيرة والبيانات المختلفة من قبل جهات كثيرة، تسببت - وبكل أسف - بحالة هلع وخوف وفوضى وضبابية، لدى الأهالي والطلاب والمدارس على حد سواء، مما أثر سلباً على حضور الطلاب وغيابهم البارز عن التعليم.

لكن، يا أهلنا، إلى متى هذا الحال، ألا يكفي ما خسره أبناؤنا من ساعات تعليمية تقدر بآلاف الساعات، أفلا نستفيق ونعي أن مصلحةَ أبنائنا هو في الذهاب للمدارس، وليس السهر الطويل واللعب على الحاسوب والخلود للنوم طوال ساعات النهار.

إن الشعوب الناجحة والمتطورة هي التي تنهض مبكراً للعمل والتعلم والإنتاج، وهو هديُ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أن الله بارك لأمتي في بكورها، وقوله أيضا (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن يغرسها فليغرسها) دلالة على أهمية الوقت واستغلاله واستثماره بما هو مفيد.

ام الفحم، وبكل أسف، من البلدان القليلة التي ليس فيها التزام وانتظام بالعملية التدريسية، رغم أن اللوائح وقوانين وزارة الصحة ووزارة المعارف واضحة جدا بهذا الشأن، أعني بما يتعلق بالحجر الصحي او الإصابة المؤكدة او إغلاق المدارس او جزء منها، كيفية التصرف وما هي الإجراءات التي يجب اتخاذها في هذه الحالات، والأمر واضح أن إغلاق المدارس يتم فقط في حال تم تأكيد إصابة أحد الطلاب او الهيئة التدريسية، وفي حال دخول أحد الطلاب او الهيئة التدريسية للحجر الصحي المنزلي بسبب شكوك، فتستمر العملية التربوية والتعليم في المدرسة بشكل طبيعي، إلى حين تتبين حقيقة الشكوك، وليس هكذا تعطيل الدراسة في أي مدرسة جزافاً بمجرد شكوك وظنون.

البلدية نادت وناشدت الأهالي والطلاب والهيئات التدريسية بالعمل على إعادة الطلاب وتشجيعهم وتحفيزهم بكل السبل الممكنة ليعودوا لمقاعد الدراسة، فهي المكان الآمن لهم، وهي الملاذ والحضن التربوي الدافئ.

أيتها الأم الفحماوية المربية: إذا كنت تحبين ابنك فلا تشفقي عليه في ساعات الصباح الباكر وتقولي (خلي نايم حرام بلاش يروح عالمدرسة)، على العكس تماماً حبك لابنك يجب أن يدفعك بأن توقظيه من نومه وتبعثيه لمدرسته.

كيف يا أهلنا نقبل على أنفسنا أن نذهب لكل مكان تم السماح به، مثل قاعات الأفراح وبيوت العزاء والمجمعات التجارية وشواطئ البحر، ويقف الأمر عند المدارس، التي فيها الاستفادة العلمية والفكرية لأبنائنا؟! فأنا بأم عيني رأيت وخلال تجوالي في شوارع البلد، الأولاد الكثيرين وهم ذاهبون لقاعات الرياضة او السباحة وغيرها، والأولى لهؤلاء الأولاد أن يكونوا في مدارسهم إذا كان ألأهلم فعلاً قلقين عليهم، فالتعليم والمثابرة والنشاط هو سلاحنا وهو طريقنا لتطوير بلدنا وتقدمه.

**

بسبب أزمة الكورونا وتعطيل المصالح التجارية وزيادة نسبة العاطلين عن العمل خلال هذه الفترة، كانت إحدى الدروس والعبر التي تعلمناها واستفدناها هي العمل على إنشاء منتدى للمصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة في بلدنا لمرافقتهم في مثل هذه الظروف والنهوض ببلدنا اقتصاديا.

ونهدف من وراء إنشاء هذا المنتدى لتأسيس بنية تنظيمية للمصالح التجارية في بلدنا وتعزيز العلاقات لهذه المصالح التجارية مع البلدية، وحتى تكون البلدية هي الجسم المهني المرافق والداعم والموجّه، وذلك لأصحاب المصالح التجارية، الرجال والنساء على حد سواء، بهدف وضع رؤيا بعيدة المدى لتعزيز الاقتصاد والتجارة في المدينة وتحويل بدلنا لتصبح مركزاً اقتصاديا وتجاريا قطرياً.

ونشير هنا أن البلدية تعمل مع عدة جهات بهذا المجال، خاصة ان عدد العاطلين عن العمل وصل الى ما يقرب 7000 شخص في بلدنا، حيث أننا نعمل مع "معوف" ومع "معوز" ومع "انجاز" وهي برامج كلها تهتم بتطوير المدينة.

*

مؤخراً حصلنا على مصادقة لنداء (קול קורא) قدمناه بقيمة 1.3 مليون شيكل من الوزارات المختصة، بهدف دمج الطلاب الثانويين والأكاديميين في ام الفحم في مشاريع وبرامج الهايتك والصناعات التكنولوجية المتطورة.

مباشرة بعد حصولنا على الموافقة تم إجراء لقاء مع مجموعة مبادرات "تسوفن" التي تعمل في هذا المجال، وسنقوم كذلك بمشورة أناس من سلك التعليم والهايتك في ام الفحم، وسيكون لنا تواصل معهم للاستفادة من تجربتهم أيضا في هذا المجال.

وقريباً سيتم وضع برنامج مع تسوفن لتأهيل ودمج طلاب من المدارس الثانوية في بلدنا وطلاب انهوا اللقب الأول الجامعي في أي موضوع كان، لدمجه في صناعة ومشاريع الهايتك إذا أراد ذلك، بهدف تشجيع تعلم هذه المواضيع مستقبلاً ودمج هؤلاء الطلاب في شركات الهايتك الكبيرة في البلاد.