|
|
|
نائلة تلس محاجنة: بطاقة عيد في ظرف جديد..!التاريخ : 2020-07-28 02:31:58 |
كانت وما تزال وستبقى بهجة العيد ايقونة إنسانية لا تختلف عليها الأسفار، فالمشاعر التي تتوارد معها وعليها طقوس الفرح التي تختلف بمظاهرها وتتناسب مع الفكر والانماط المجتمعية ترتوي من التشارك والتبادل والتزاور والتآخي والتواصل. وحين كنا صغارا وقبل ان تُملأ جرارانا بأعباء الحياة، ومع طفولتنا اليانعة التي طالما ربت على بساتين البراءة وحقول البساطة، كنا نتفوه بزهر الصفاء وعبارات النقاء التي تخترق ثنايا القلوب الكاهلة.. نتلهف الفرح بشغف ربيعي كبراعم مشرئبة، تقتنص لحظات السعادة بحماسة وبابتسامات واعدة مستشرقة تتطلع لثوانٍ مستقبلية، وبروح تتغنّى على عنفوان العفوية المتفتحة، فلا تكترث لغارات الحياة كما يشهدها والدانا. كنّا كقطرات الندى المنسدلة على ربوع العيد المنتظر كل عام وهو يعج بالزيارات والمعايدات. ولا يترسخ في اذهاننا سوى أحضان المعايدين لنا بأبهى صور المعزة والاحتواء والتلاحم وطهارة القلوب بعهد معسول الرؤى، فتكون اسياد المواقف "عيدا بطابع سعادة وطفولة".. انه اقتران لا يمكنه الاندثار! ولعلنا في هذه الايام المقيتة نعيش حالة استثنائية لتجذب معها عيدا استثنائيا، وليتحول سيد الموقف "عيدا سعيد بطابع مسؤولية جماعية"، فيلزمنا ان نكون في محيط هذه المسؤولية نحو أنفسنا واهلينا ومجتمعنا، وأن التشارك والتبادل والتزاور والتآخي والتواصل هي غذاء انتشار الفيروس اللعين. فماذا يكون دون أخذ الحيطة والحذر، والتحلّي بروح من الواجب، والتعهد بعدم الاندفاع وعدم الالتزام بوسائل الوقاية والنظافة والتباعد الاجتماعي؟ من هنا تنبع أهمية اتباع أنماط حياتية تتناسب مع سحابات هذه الجائحة، لتتأتى معها انماط مواتية لاحتفالية العيد البهي. فالسياق الآني يتطلب منا التريث والتأني لتوعية الأطفال والبالغين، حول خطورة وجموح ما قد تؤول اليه نتاجات سلوكيات غير مسؤولة تودي بمحبينا الى العدوى الشرسة.. هذه المسؤولية الجماعية تحتاج الى تكاتفنا وتعاضدنا وتعاوننا وتآزرنا وتضافرنا نحو أساليب وقائية ناجعة رامية الى سدود مانعة وحدود كاسرة لتفشي الوباء. ودعوني اهمس لأمهاتنا حين يدلين بتجهيزات العيد، بمحبة عارمة من قهوة خمرية صهباء يرافقها كعك العيد الذي اختلجه تراث الجدّات ومسك طيب الأرض وغصن الزيتون الملوح بالصمود وريحان القمح المنثور في قلوب عامرة بالوطن المسلوب، ان تعانق هذه الطقوس زاوية مستحدثة عند باب الاستقبال ليرتقي بمزهرية تحتضن زهرات التوليب الورديّ المغتمر بألفة الاسرة ورحابة الأصدقاء الى جانبها حفاوة بكِمامات من المودة وسائل التعقيم المعطر بعبق الرأفة والمسرّة، ومع بريق بشاشة العيون ولطافة الكلمات وسكينة جوارح القلوب بتباعد المسافات المناسبة.. حينها نصنع مشاهد تواجه الفيروس باحترام الوصال مع اخلاصنا لأرواحنا النقية ولطفولتنا بأريجها المعتق الخالي من شوائب الزمن الغابر. فلا نتحول الى مستهترين، ولا يستحوذ علينا اندفاع المتهورين، فلا نغتال فرحة العيد، وقطرة معقم خير من جهاز تنفس، والوقاية خير من قنطار علاج...!! *** نائلة تلس محاجنة كاتبة ورسّامة ومربية من مدينة ام الفحم، حاصلة على الماجستير من جامعة تل ابيب في مجال العسر التعلمي، وتستعد لنيل الدكتوراه قريبًا من جامعة بار ايلان في موضوع التطور اللغوي لدى الاطفال العرب. تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |