تململتُ في مكاني، منتعشةً بهذا الدفءِ الذي بدأ يتسرّبُ إلى عروقي، رفعتُ هامتي إلى السماء، ابتسمتُ لشعاع الشمسِ الذي كان يداعبُ خصلاتِ شعري الذهبيّة. ترى هل أخذتِ الشمسُ لونَها الذهبيَّ من خصلاتي؟

ابتسمتُ في سريرتي، نظرتُ حولي إلى السهل الأصفر الممتدِّ أمامي بلا نهاية. 

ابتسمتُ لرفيقاتي اللاتي بدأْنَ الاستعدادَ لحلقة الرقص، أومأتُ لهنّ معلنةً ابتداءَ طقسنا الصباحيّ. كان النسيمُ يشاطرُنا الفرحَ، ويترُكُنا نتهادى مع شعاع الشمس في خفّةٍ فتتمايلُ سيقانُنا، تنحني في غنجٍ ثم تشمخُ رانيةً إلى السماء.. 

أصواتٌ مزعجةٌ قادمةٌ من بعيد، بدأتْ تقتحمُ حلقاتِ رقصِنا، لم نفقهْ كُنْهَها، لكنّنا أوجسنا خيفةً. بدأت الأصواتُ تقتربُ وتقتربُ.. أقدامٌ ثخينةٌ بدأتْ تدوسُ حقلَنا، تقطعُ رؤوسَ بعضِنا بأقدامها وسيوفِها، وتترُكُنا نئنُّ حزنًا ووجعًا وألمًا!!

أحانَ موعدُ الحصاد؟؟؟ تساءلتُ في نفسي!! نظرتُ حولي لكنّي لم أرَ صاحبي قادمًا بمعوله، لم أرَ البشرَ في وجهه، والأملَ في عينيه، ما هذه الوجوهُ العابسةُ السوداءُ؟؟ ما هذه السيوفُ الحديديّةُ الصمّاء؟؟ لم يَحِنْ موعدُ حصادِنا بعدُ، فلماذا يذبحوننا؟؟ أيُّ ذنبٍ جنيناه؟ 

هل نرضخُ لهم؟؟ هل نسلّمُ لهم هاماتِنا الباسقةَ؟

نظرتُ إلى رفيقاتي الواقفاتِ في خوفٍ وعجْزٍ، صحتُ بصوتٍ تخنقهُ العبراتُ، لن نركعَ! لن نخضعَ! ما وُلدنا لنُذبحَ! فنحن من يهبُ الحياةَ لهذه الأرض! نحن رقصتُها وأهازيجُها وفرحُها! نحن حلمُها ويقظتُها! سنعيشُ! سنقاومُ! سنتّحدُ ونكونُ حقلًا شامخًا من السنابل تَهَبُ الفرحَ وتمنحُ الحياة!!

10/1/2021