|
|
|
في ذكرى ميلاده.. عبد الناصر الذي بكى مرتين!... بقلم: احمد كيوانالتاريخ : 2021-01-15 09:35:17 |في مثل هذا اليوم، وتحديدًا في 15 يناير 1918، كان ميلاد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في مدينة الاسكندرية، وهو الذي رحل عنا قبل خمسين عاما وعدة اشهر. ومع كل ذلك لا يزال عبد الناصر مالئ الدنيا وشاغلها كما لو انه لا يزال حيا بيننا. ودليلي على ذلك ان اعداءه من قوى الثورة المضادة في وطننا العربي لا يزالون حاقدين عليه، يرمونه بسهامهم المسمومة لانهم يتخوفون من ان يقوم ناصر جديد ويسير على نهج ومبادئ الزعيم الخالد.. انهم يخافونه ميتا كما كانوا يخافونه وهو في عز عنفوانه. ومن حقهم ان يخافوا ويتخوفوا، لان اعمالهم المنكرة والخائنة قد وصلت حدودا اصبح مستحيلا استمرارها والأمة في صمت اهل القبور، ليسأل كل واحد منا نفسه: هل كان المطبّعون الخليجيون وغير الخليجيين يجرؤون على القيام بعهرهم هذا لو ان عبد الناصر لا يزال بيننا فارسا يمتطي صهوات الجياد الاصلية؟! ان هؤلاء وامثالهم كانوا موجودين ايام عبد الناصر، لكنهم كانوا يعرفون ان خطابا واحدا من عبد الناصر كان بإمكانه ان يزعزع عروشهم، ويؤلّب شعوبهم عليهم.. كانوا مجبرين ان يسايروا الركب وان يسكتوا حتى واتتهم الفرصة الآن، كما يتصورون، مع ان لعنة الاجيال ولعنة التاريخ ستلاحقهم لتلقيهم في مزبلة التاريخ، لان من يبقى في وجدان الامم والشعوب وفي ذاكرة الايام والتاريخ هم اولئك الرجال الاوفياء والقادة العظام، امثال جمال عبد الناصر الذي نستعيد ذكرى ميلاده العطرة، لعل اجيالنا الشابة والصاعدة ستعمل بأسرع مما نتوقع لأخذ زمام المبادأة والمبادرة لتصحيح هذا الخلل الاستراتيجي العربي، القائم منذ رحيل جمال عبد الناصر عام 1970 الى يومنا هذا. ولان تاريخ عبد الناصر الحافل لا يمكن اختصاره في مقال، فإنني اتطرق اليوم الى عبد الناصر العروبي الوحدوي الذي بكى مرتين. وهو الجندي والضابط الشجاع الذي قاتل على ارض فلسطين عام 1948، وبقي صامدا في الميدان رغم حصاره في الفالوجة. ولكن مع كل ذلك، بكى عبد الناصر مرتين: المرة الاولى في صباح 28 سبتمبر / ايلول عام 1961، عندما حصل الانفصال في سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة. وكان القطران الشقيقان قد توحدا في دولة واحدة في الثاني والعشرين من شباط عام 1958. وتم تنظيم استفتاء شعبي على ذلك، اختير فيه عبد الناصر بالإجماع تقريبا رئيسا لمصر وسوريا (الجمهورية العربية المتحدة). وكانت هذه اول تجربة للوحدة العربية في العصر الحديث، وطالما تغنى بها الشعراء وابناء هذه الامة لانهم كانوا يعرفون ما معنى وما قيمة الوحدة. واسأل اليوم: هل كان يمكن ان يتم غزو العراق واعلان الحرب الكونية على سوريا منذ عشر سنوات لو ان هناك دولة وحدة؟ هل كنا سنرى مآسي الامة في اليمن وليبيا وغيرها؟ وحين بكى عبد الناصر صبيحة الثامن والعشرين من سبتمبر 1961، فانه كان يدرك ابعاد هذه الإنتكاسة وتأثيرها على الاجيال القادمة. في ذلك الصباح الحزين، توجه عبد الناصر الى مبنى الاذاعة المصرية ليوجه كلمته الى الشعب من هناك. وقد قال حينها: "انني لم اتوجه الى الاذاعة ايام العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وهذا يعني ان الإنفصال الذي حصل في سوريا اخطر من العدوان الثلاثي". وهنا كان عبد الناصر يستشرف آفاق المستقبل، لكنه مع كل ذلك، وبعد ان اعترف بتداعيات ما حدث، لم يقف امام سوريا لتأخذ كرسيها في الجامعة العربية وفي الامم المتحدة. غير انه ابقى على اسم "الجمهورية العربية المتحدة" لمصر، لأنه كان يؤمن بحتمية الوحدة بين ابناء هذه الامة في يوم من الايام. وانور السادات هو الذي غيّر هذا الاسم، واستبدله "بجمهورية مصر العربية" تمهيدا لما قام به بعد ذلك. والمرة الثانية التي بكى فيها عبد الناصر هي عند تقبله اوراق اعتماد المفكر العروبي الكبير الدكتور سامي الدوري سفيرا لسوريا بعد الانفصال في مصر. وكانت هي المرة الاولى في العرف الدبلوماسي، عبر كل العصور، يجهش فيها سفير بالبكاء عند تقديم اوراق اعتماده، وكان ذلك يوم 17 ابريل/ نيسان 1967 حين بدأ المرحوم الدكتور سامي الدروبي كلمته بصوت متهدج بالانفعال، باكيا قائلا: "سيادة الرئيس! اذا كان يسعدني ويشرفني ان اقف امامكم مستشرفا معاني الرجولة والبطولة، فانه ليحز في نفسي ان تكون وقفتي هذه كوقفة اجنبي، كأنني ما كنت في يوم مجيد من ايام الشموخ مواطنا في دولة انت رئيسها، الى ان استطاع الاستعمار متحالفا مع الرجعية ان يفصم عرى هذه الوحدة الرائدة في صباح كالح من اصباح خريف حزين يقال له 28 ايلول.. صباح هو في تاريخ امتنا لطخة عار ستمحى. ولكن عزائي عن هذه الوقفة التي تطعن قلبي، يا سيادة الرئيس، والتي كان يمكن ان تشعرني بالخزي حتى الموت انك، وانت تطل على التاريخ فترى مسيرته رؤية نبي وتصنعه صنع ابطال، قد ارتضيت لي هذه الوقفة خطوة نحو لقاء مثمر بين قوى تقدمية ثورية يضع امتنا في طريقها الى وحدة تمتد جذورها عميقة في الارض. فلا انتكاس وتشمخ راسخة كالطود لا تزعزعها رياح.. ذلك عزائي يا سيادة الرئيس، وذلك شفيعي عندك، وشفيعي عند جماهير امتنا العربية التي لا تعترف بالانفصال الا جريمة". وبالرغم مما جرى منذ ذلك التاريخ الى الآن، فان وحدة المقاومة على الارض العربية هي استمرار لنهج عبد الناصر الذي نحتفل ونحيي ذكرى ميلاده اليوم! تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |