الإعلامي أحمد حازم: المواطن العربي والقائمة المشتركة للكنيست

التاريخ : 2015-01-30 09:32:00 |

المكان الذي يجتمع فيه نواب الشعب، في أي دولة عربية أو أجنبية، له أسماء مختلفة. فهناك من يطلقون عليه اسم "برلمان"، وهناك من يسمونه "مجلس النواب"، وآخرون يطلقون عليه اسم "مجلس الأمة"، ودول أخرى أسمته "مجلس الشعب". لكن فرنسا فضّلت اسم "الجمعية العمومية الفرنسية"، أما بريطانيا فاختارت اسم "مجلس العموم البريطاني"، بينما الاتحاد الأوروبي فضّل التمسك باسم "البرلمان الأوروبي".
غير أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي لا تستخدم مصطلح البرلمان، أو مصطلح آخر مرادف لذلك، أي له علاقة بالنواب. فهي تستخدم منذ مطلع عام 1949 اسم "كنيست"، الذي يعني مكان اجتماع لليهود. وهو اصطلاح صهيوني، واستمرار لتقليد يهودي قديم يعود إلى أكثر من ألفي عام، لمحاولة ترسيخ وجود اليهود في فلسطين. ولذلك فإن كافة الانتخابات السابقة، التي جرت في إسرائيل منذ تأسيسها، لم يتم فيها استخدام مصطلح انتخابات برلمانية، بل وفقط استخدام مصطلح "كنيست" المرتبط دينيا باليهود. .
حتى المواطنون والساسة في الوسط العربي لا يستخدمون مصطلح الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية، إنما تعودوا على استخدام مصطلح "انتخابات الكنيست".
وما دام الشيء بالشي يذكر، فإن الانتخابات الإسرائيلية القادمة المبكرة لــ "الكنيست"، والتي ستجري في السابع عشر من شهر مارس/آذار القادم، ستشهد ولأول مرة قائمة عربية مشتركة، تضم أكبر وأقوى الأحزاب العربية الفاعلة في مناطق الـ 48، برئاسة "الجبهة" ذات الصبغة الاشتراكية، والتي تتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة، منذ تأسيسها في سبعينيات القرن الماضي.
إن قرار الأحزاب العربية خوض الانتخابات موحدة في قائمة مشتركة لم يأت نتيجة قناعة أساسية مبدئية بـ"توحيد الصف العربي"، إنما أتى نتيجة ضغط إسرائيلي أجبرهم على "الوحدة" بسبب رفع نسبة الحسم. إذ أن أيا من الأحزاب، المشاركة في القائمة، من الصعب عليه اجتياز نسبة الحسم هذه. لذلك لم يكن أمام الأحزاب سوى خيارين: فإما المجازفة بتشكيل قائمة منفردة ونسبة نجاحها ضئيلة، وإما التحالف في قائمة مشتركة تضمن النجاح للأحزاب المشاركة فيها.
وظاهريا تبدو القائمة المشتركة وكأنها تعبير عن وحدة الوسط العربي، حتى وإن كانت في حقيقة الأمر غير ذلك. لكنها تعبر عن أمر مهم، وهو أن الإرادة عندما تتوفر يكون لها إنجاز.
وشيء آخر لا بد من قوله وهو أن الأنانية ابتعدت إلى حد كبير عن تشكيل القائمة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تجاوب مفاوضي الأحزاب مع "لجنة الوفاق"، التي بذلت جهودا واسعة من أجل الخروج بهذه القائمة.
علاوة على ذلك فإن تشكيل القائمة المشتركة ليس كل شيء، فالعمل الحقيقي والجدي يبدأ بعد دخول القائمة للكنيست. فهناك أمور كثيرة يجب أن تكون لها ترجمة فعلية على أرض الواقع بعد الانتخابات. ولا يكفي أبدا القول إن الأحزاب العربية الفاعلة أنجزت بالفعل قائمة مشتركة، بل المطلوب من الذين يفوزون في هذه القائمة أن يبرهنوا على أنهم على قدر الثقة، التي أولاها إياهم المواطن العربي.
كذلك يجب أن يكون حراكهم السياسي والنيابي موحداً، كما كان في القائمة المشتركة، وان يعرفوا أيضاً أن عليهم التزامات وواجبات كثيرة تجاه الناخب العربي، الذي لا يجوز أبدا أن يصاب بخيبة أمل، فكفاه خيبات الأمل التي عاشها خلال السنوات الماضية..!