نواعم سعيد شبلي: الملل آفة العصر..!

التاريخ : 2015-08-28 09:50:00 |

قد يستهين البعض بأمر هذه الآفة ويرى انها امر لا مناص من الانفكاك عنه ولا علاج لها، اضافة الى انه ليس لها ذلك الاثر الذي يستحق الحديث عنه. ولكن لو بحثتم بكل صدق وموضوعية عن اثارها السلبية، في عدد من الجوانب الحياتية، لرأيتم ان لها آثارا كثيرة وضياعا كثيرا من الخيرات والطاعات.
ان ضغط الواقع المادي الذي يعيشه اكثر الناس اليوم، ولضعف صلتهم بربهم وطاعتهم له، انتشرت ظاهرة غريبة في حياة الناس، الا وهي ظاهرة الملل والسأم والشعور بالضجر والضيق. وهذه الحالات اصبح لها وجود نسبي، يقل ويكثر لدى الكبير والصغير والذكر والانثى. وصار كل واحد منهم يعبر عنها بأسلوبه الفريد الخاص به.
ولو بحثنا وتأملنا بعض التصرفات والسلوكيات، التي هي من مسبببات هذه الآفة، لعرفنا ان التعلق بها والادمان على بعضها ما هي الا اسباب رئيسية للملل والشعور باليأس. ومن هذه الامور العزوف عن القراءة الجادة، وكثرة النوم، وتفضيل الراحة والكسل على العمل، والثرثرة بالهاتف من غير فائدة، والاساءة للآخرين. كما ان الانصراف عن العمل الجاد والمثمر باي اسلوب وطريقة، واهمال الطالب لدروسه وضعف الاستعداد للاختبارات، وكثرة الاسفار والرحلات والرفاهية الزائدة، والهروب يوميا الى الاستراحات والمقاهي والمجمعات التجارية مع الزملاء والاصدقاء، والتسكع في الشوارع والاسواق. الى غير ذلك من العلامات، التي تدل على وجود هذه الظاهرة الخطيرة.
وهنا يحدث الفشل او بعضه في تحقيق الآمال والطموحات، حيث ان هذه الآفة تجعل صاحبها ينصرف عن الجد والاجتهاد والحرص والمتابعة والاهتمام، بتحقيق كثير من الطموحات العالية، التي يسعى لها كل انسان. فمثلا اذا كان هناك طالب قصّر في دروسه، واذا كان موظف اهمل في اداء واجبه، وان كانت زوجة فرّطت في حق زوجها واولادها وبيتها، فهي نماذج تعكس هذه الآفة السلبية.
وهكذا يتساهل كثير من الناس في هذا المجتمع المصاب بهذا الداء عن الأخذ بالاسباب للنجاح والتفوق الدنيوي في وقته، ويكسلون عن البذز والزرع في اوانه، منشغلين عن ذلك باللهو والترفيه عن هذه النفوس المضطربة، موسعين صدورهم بما لا يجدي ولا ينفع من هذه البرامج. فاذا جاء وقت الحصاد وقطاف الثمار لم يجدوا شيئا، او انهم قد حصلوا على ثمار رديئة، او معدل متدنّ، لا يؤهلهم للمستوى المنشود الذي يطمحون بالوصول اليه، ولا للمستقبل الذي يتمنونه. وعندها يشعرون بشيء من الحزن والاسى، ولا ينفعهم ذلك لفوات وقته واوانه.
وليس لنا ان نحرم شيء احلّه الله. وليس معنى هذا ان نحجرعلى انفسنا، ولكن يوجد هناك فرق بين انسان ضيّع كثيرا من عمره وايامه، التي هي رأس ماله في هذه الدنيا، ببرامج الترفيه في البر والبحر والسفريات والقيل والقال والذهاب والاياب، وانفق الكثير من المال في تنفيذ وملاحقة تلك البرامج، التي ليس لها كثير من الفائدة.
اما اسهل الطرق لعلاج هذه الآفة فهو موجود ومتيسر لمن يريده وعزمته عليه نفسك بكل جدية. اي ان يعود الانسان الى اسلامه ودينه ويطبقه تطبيقا كاملا في كل مجالات حياته، عقيدة وعبادة وسلوكا ومنهجا وفكرا وشعورا. وما لم يحقق تلك العودة الكاملة، فان اي خطوة في هذا المجال لن تأتي ثمارها بالصورة المرجوة المطلوبة. ولذلك حدد اهدافك وامش على طريق النجاح...!!