مها فتحي: على الاقل اصمتوا...!

التاريخ : 2015-10-23 08:00:00 |

انكم لا تبدون مثل طفل يلف مريول الروضة على خاصرته، او اعجزة نفض الرمال العالقة في جيوب سرواله..!
إنكم تبدون وتسوّقون انفسكم على انكم جهابذة وسلاطين ممتلئة بالترشيد والنضج وتحليل الأمور والاحداث..!!
فكيف مرّ امام عتبة افكاركم ان ابناء الشعب الفلسطيني هم في النهاية بشر، من لحم ودم واوردة وشرايين، يحبون الحياة ما استطاعوا اليها سبيلا؟!
كيف مرّ في خواطركم مثلا ان حذيفة وعدي ووسام بشر، بسحنات شبابية غضة، يرتدون كنزات ملونة، ويسرّحون شعورهم بتسريحة تماهي تسريحة لاعب الكرة رونالدو.. وفي اقدامهم احذية من نوع "اديداس" و"نايك"، حتى لو كانت مزيفة..؟؟!! وهم ايضا نماذج رائعة في المجتمع، احيانا ينتمون الى الجامعات والمعاهد العليا، واحيانا اخرى الى مؤسسات اجتماعية خدماتية مؤطرة بامتياز.. وبالعامية يعني "ناس مزبطة"..؟!
الم تتساءلوا يوما، يا عواهنة التنظير والاعلام، ما الذي دفع ويدفع هؤلاء الشباب الى الاقدام على العمليات الاستشهادية؟!
الم يخطر ببالكم انه الاذلال وسياسة القهر والاستيطان والاعتداء هي التي اخذتهم الى هناك؟!
اعجزتم ان تستوعبوا مشهداً يوميا يقتحم فيه اناس غرباء، على شاكلة المستوطنين، حواكيرهم المملؤة بالزيتون؟!
عقيدة الفلسطيني المعدم متجلية في زيت نوراني منحه اياه الله للاستدامة وللبقاء على هذه الارض!!
هل غاب عن بالكم حواجز وتفتيش الطرق الالتفافية التي تقطع الاوصال بين الاقارب والاهل؟!
هل نسيتكم بالاساس بأنكم احتلال، يوصل الدساتير والقوانين حسب أمن البلاد وآمان سكانها دون استشعار معاناة الآخر، والتناسي انه يأخذ حيزا ما على هذه الارض؟!
لماذا لا تقولون الصدق وان الظلم يتسع يوما بعد يوم، وان مقولة "لا انا، الا انا.. وكل ما هنا، لي انا"، والتي ينفذها بعض قطعان المستوطنين، هي التي تجر البلاد الى هذه الاحداث، يا من تدعون الموضوعية.. والتأمل والتمعن وترقب الامور من زوايا محايدة؟!
يا من تدعون رصد الاحداث في المكاتب المكيفة والعمارات المنمقة، يا من تمسكون الميكروفونات المحتلنة بآخر صرعات الموضة، والهواتف السبّاقة والمكارة في التلصص على الاحداث من مسافات بعيدة، يا من تحملون القلم والورقة وتدعون التحليق في سماء الكتابة والتوثيق.. على الاقل، اصمتوا ان لم تستطيعوا ان تقولوا الحقيقة الكاملة.. على الاقل اسكتوا.!!