كيف يستعد مرضى السكري لصيام «رمضان»؟

التاريخ : 2016-05-27 15:06:00 | السفير

ملاك مكي

يعاني نحو 148 مليون مسلم في جميع أنحاء العالم داء السكري. يصوم منهم 116 مليون شخص خلال شهر رمضان، ما يدل على إصرار الكثيرين على الصوم خلال رمضان بالرغم من المخاطر الصحية للصوم عند الأشخاص الذين يعانون السكري.
تعرّف «منظّمة الصحّة العالميّة» مرض السكّري بعجز البنكرياس عن إفراز هرمون الأنسولين الذي ينظّم مستوى السكّر في الدم والذي تنتجه خلايا البيتا في البنكرياس، بكمية كافية أو عجز الجسم عن استخدام تلك المادة بفعاليّة. ويسجّل داء السكري ثلاثة أنواع: يصيب النوع الأول الأطفال والمراهقين ويعود إلى قلّة إنتاج مادة الأنسولين في الجسم، ويصيب النوع الثاني الأشخاص في سن الرّشد خاصة الذين تجاوزوا سن الأربعين ويعود إلى عدم استجابة الجسم لمادة الأنسولين بفعاليّة، ويصيب النوع الثالث النساء الحوامل.
يذكّر رئيس قسم الغدد الصماء والسكري في «المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت» البروفسور إبراهيم سلطي، خلال المنتدى العلمي الذي عقدته شركة «سانوفي» نهار الجمعة الماضي، بالدراسة العالمية في شأن السكري ورمضان «EPIDIAR» التي نشرت في العام 2004 وما زالت نتائجها تطبق حاليا. شملت الدراسة 12243 مصاباً بالسكري من 13 بلداً، وبيّنت أن نسبة 42.8 في المئة من الأشخاص المصابين بالسكري النوع الأول، ونسبة 78.7 في المئة من الأشخاص المصابين بالسكري النوع الثاني يصومون على الأقل 15 يوما خلال شهر رمضان من دون أن تبدّل نسبة 50 في المئة من عاداتها خلال شهر الصوم. تشير تلك النتائج، وفق سلطي، الى وجود حاجة لتوعية وإرشاد مرضى السكري في شأن مخاطر الصوم.
تشمل مخاطر الصيام عند مرضى السكّري انخفاضا في معدّل السكّر في الدم، أو بارتفاع في معدّل السكّر في الدم، الجفاف والتعرض الى جلطة دموية، وحالة «حماض كيتوني سكري diabetic ketoacidosis» التي تنجم عن نقص في هرمون الأنسولين وتهدد حياة المريض. ترتكز عوارض انخفاض مستوى السكّر في الدم على الشعور بالدوران، والتعرّق، وتسرّع في ضربات القلب، فقدان الوعي وتشمل عوارض ارتفاع مستوى السكّر في الدم الشعور بالعطش الشديد وإدرارالبول بكثرة.
يشير رئيس «الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصماء والسكري والدهنيات» الدكتور منذر صالح الى أن مرضى السكري من النوع الأول هم أكثر عرضة لهبوط معدل السكري، لذا ينصح بعدم الصوم، ويجب على مرضى السكري من النوع الثاني استشارة الطبيب الذي يحدّد إمكانية الصوم أو عدمه وفق حالة المريض وعمره ومستوى ضبط معدّل السكّر في الدم، مع الإشارة الى أن المرضى من النوع الثاني والذين يعانون مشاكل في وظيفة القلب والكلى هم أكثر عرضة للمخاطر.
وبما أن هناك نقصاً في المبادئ التوجيهية لموفري الخدمات الصحية ومرضى السكري في شأن الصوم، أصدر «التحالف الدولي للسكري ورمضان» بالتعاون مع «الاتحاد الدولي للسكري» مبادئ توجيهية للمرضى الذين تم تصنيفهم الى ثلاث فئات: مخاطر عالية جدا، مخاطر عالية، مخاطر متوسطة أو خفيفة. ووافقت أعلى المرجعيات الدينية في مصر على تلك التوجيهات.
يؤكد رئيس «التحالف الدولي للسكري ورمضان» الدكتور محمد حسنين على ضرورة تثقيف المرضى ورفع الوعي عندهم إذا قرروا الصوم. وترتكز النصائح على مراجعة الطبيب قبل بدء الصوم لضبط الأدوية المناسبة وتفادي حالات هبوط السكري، وفحص السكر بانتظام، والتنبه الى ضرورة التوقف عن الصوم مباشرة في حال تدني مستوى السكر في الدم الى دون 70 ملغم/ ديسيليتر أو ارتفاعه الى أكثر من 300 ملغم/ ديسيليتر، تفادي المأكولات الغنية بالسكر والدهنيات، التنبه الى عوارض انخفاض أو ارتفاع السكر في الدم، شرب السوائل وغيرها.
من جهة أخرى، تشير الدراسات العلمية، وفق الأستاذ المساعد في كلية الصيدلة في «جامعة بيروت العربية» الدكتور محمد عزت أمين، الى وجود نقص في التواصل بين موفّري الخدمات الصحية من أطباء وصيادلة والمرضى عامة في شأن الصوم في شهر رمضان. أجريت معظم تلك الدراسات في الدول الغربية وتنطبق الكثير من نتائجها على البلدان العربية. لا يتواصل المرضى مع أطبائهم في شأن الصوم، فيقوم بعض المرضى بتعديل نظام الأدوية ومواعيدها عشوائيا، ما يضر بصحتهم، خصوصا الذين يعانون أمراضا مزمنة من داء السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. يشدد أمين على أهمية التواصل بين الأطباء أو الصيادلة والمرضى قبل بدء شهر الصوم لتوفير الارشادات الصحية في شأن صوم آمن لا يضر بصحة المريض. إذ تؤمن المشورة الصحية المبكرة للمريض الفرصة لإجراء التحاليل الطبية اللازمة، والأجوبة عن التساؤلات الخاصة بالمريض والمتعلقة بنظامه الغذائي ونوعية حياته. ويلفت أمين الى وجود نقص في كليات الطب والصيدلة في شأن تدريب الطلاب على التواصل مع المرضى بشكل مناسب، ما يوجب العمل على تعزيز قدرات الطلاب في الجامعات على التواصل مع المرضى والإجابة على تساؤلاتهم وهواجسهم في شأن الصوم الآمن.
يذكر أن الهيئة الصحية الإسلامية، وفق المسؤولة الإعلامية زينب قصير، ستقوم بورش عمل بالتعاون مع شركة «سانوفي» مع الأطباء في شأن السكري ورمضان، على أن يقوم الأطباء بتثقيف مرضاهم في شأن المخاطر. كما تم لقاء الكثير من رجال الدين، وفق رئيس «الجمعية اللبنانية للسكري» الدكتور محمد صنديد، لشرح ومناقشة مخاطر السكري والصوم وأهمية تثقيف المرضى.
تتوافر المبادئ التوجيهية لمرضى السكري في شأن الصوم على المواقع الآتية:
www.daralliance.org
www.idf.org