www.almasar.co.il
 
 

شوقية عروق منصور: الدمى مربوطة خلف الدبابة!!

أذكر عندما وقعت حرب 48 وكانت أخبار وحشية عشرات المجازر الإسرائيلية قد...

شوقية عروق منصور: الطيران في سماء غزة

عندما زرت مدينة غزة في التسعينات وتجولت في شوارعها العريضة ودكاكينها...

شوقية عروق منصور: بين الموت والموت في غزة هناك "فتحي غبن" سيد الفن التشكيلي

لا تستطيع الكلمات الانحناء وفرش سجاجيد اللقاء والجلوس على وبر الخضوع...

لينا ابو مخ/ الزواج المبكر بين القانون والمجتمع

اعتبرت المرأة في طور أول من تاريخها، أما في المقام الاول، اي تلك التي...

منحة 23 ألف شيقل عند بلوغ سن 21 هدية من الدولة

علم مراسل موقع وصحيفة "المسار" انه بتداء من شهر كانون الثاني 2017 ستقوم...

عطر 2020 من Montblanc للرجال

تقدم دار العطور الفرنسية Montblanc عطر Legend Eau de Parfum، وهو إصدار أقوى وأكثر...
  هل تعتقد ان الحكومة الجديدة ستساعد في الحد من جرائم العنف في المجتمع العربي؟

نعم

لا

لا رأي لي

ام الفحم 22-32
الناصرة 31-20
بئر السبع 33-21
رامالله 32-22
عكا 29-23
يافا تل ابيب 29-24
القدس 32-18
حيفا 31-23

شوقية عروق منصور: الابريق النحاسي الذي لا يعرف الكلام - قصة قصيرة

التاريخ : 2016-06-17 10:00:00 |



توجه الى زاوية الغرفة، حيث كانت الصينية النحاسية تحضن الأبريق النحاسي المزخرف بالآيات القرآنية والنقوش التي تصور بعض الأزهار المحفورة بدقة وصبر. يلتف حول الأبريق أحد عشر فنجاناً من النحاس بعد أن غاب الفنجان الثاني عشر. دائماً كان يتساءل أين ذهب الفنجان الثاني عشر؟ بقي هذا السؤال معلقاً في خيالاته، ومع مضي الوقت لم يعد يهتم للفنجان الغائب. فقط كان يطمئن على وجود الفناجين جميعاً مع الابريق والصينية في احدى زوايا غرفة الضيوف.
يذكر كان يجلس أمام زوجته كلما ارادت تلميع النحاس بالليمون والرمل، ينتظر على الشرفة في الظل حتى تجف الصينية والابريق والفناجين تحت اشعة الشمس التي تحول لون نحاسه الذي أصبح قريباً الى السواد الى بريق يشع بهجة وفرحة: بكره راح آخذ طقم النحاس على المدرسة معي.. راح انحطوا بالمعرض الخاص بالتراث الفلسطيني لما قلت للمعلم في بيت جدي طقم نحاس من قبل الحرب قال لي هاتوا. راح نحطوا في أحسن مكان في المعرض.. وبكره بتحضر الى المدرسة وتحكي لنا عن التراث الفلسطيني .. احكي عن قصة الفناجين والابريق ، فأنت دائماً تقول وراهم قصة، وقد قلت للمعلم جدي بدو يحكي قصة!
- شو بدي أحكي يا جدي.. شو راح أحكي!
حاول التهرب من حفيده الذي التصق به ، يتوسل اليه، هو يعرف حفيده جيداً يريد أن يكون بارزاً ويغيظ أبناء صفه، فهو سيستغل وجوده لصالح رفع رصيده في الصف والمدرسة: سيأتي وزير المعارف لافتتاح المعرض، قال الحفيد لجده. الحفيد يستغل آخر قطرة توسل، يحاول مد حبل الاغراء للجد ، زيارة وزير المعارف الحبل الذي سيدفعه للذهاب الى المدرسة ، سيذهب ويحكي قصة الابريق أمام الوزير. في الصباح استيقظ الجد. وجد الحفيد أمامه وقال له: صعب عليك حمل الابريق النحاسي والفناجين والصينية ، النحاس ثقيل..!
وضع الجد الفناجين في علبة وربطها، وطلب من الحفيد الاكبر حمل العلبة وحمل الصينية باليد الثانية، وشقيقه الصغير سيحمل بيده الابريق ، وبعد ساعة سيلحق بهما الى المدرسة. شعل سيجارة كان قد لفها مساءاً ولم يدخنها، لأن حفيده قد ورّطه بقصة الفناجين.. ماذا سيقول لطلاب المدرسة؟! هل سيقول أنه سرق هذه الفناجين بعد أن طلب منه الرجل اليهودي الدخول الى أحد البيوت في مدينة اللد؟!
كان شاباً صغيراً لم يطلع شاربه بعد، يقال أن عمه كان يتعامل مع اليهود قبل 48، لذلك بعد النكبة أصبح عمه يعمل معهم على المكشوف. وعندما طلب والده من عمه عملاً لأبنه، كان العمل جاهزاً في اليوم التالي. عليه مرافقة بعض رجال الأعمال اليهود الذين يعاينون البيوت التي تركها أصحابها، يسرقون الأثاث ويقومون ببيعه في الاسواق. وجد نفسه مع بعض الشباب الذين يدخلون البيوت بعد أن يدخلها هؤلاء الرجال، حيث يقومون باختيار الاثاث المناسب للسرقة، وعليهم هم الشباب نقل الأثاث والأغراض الى السيارات التي تحمل الأثاث الى جهة لا يعرفونها. في أحد الأيام عندما دخل الى بيت ما زال يحمل رائحة العز والغنى، صعب عليه نزع الأثاث من مكانه. شعر بحريق يشب في صدره، لكن صراخ الشاب الذي يعمل معه، طالباً منه العمل بسرعة أيقظه من شعوره الكاوي، فمن حق الشاب الصراخ عليه لأن اليهودي منحه صفة المسؤول عنه. صوت المسؤول جعله يهرع ويحمل الكراسي و.. توقف عند الصينية التي تتوسط الطاولة. عليها الأبريق النحاسي و الفناجين. لا يستطيع وضعها في السيارة وترحيلها الى جهة مجهولة. برقٌ من الإحساس الغامض لمع في جسده المرتعش من التعب. قرر سرقتها، لكن كيف؟! سيراه الشاب الذي يعمل معه! انتظر دخوله الى المرحاض. سرق الصينية والابريق والفناجين بسرعة، قام بإخفائها خلف الأشواك والأعشاب التي تحيط بالشجرة المزروعة في حديقة المنزل.
عمله سيكون في هذه الحارة ، سيتسلل كل يوم ويضع في سلة الزوادة قطعة، وهكذا كان كل يوم يأخذ قطعة، حتى اكتمل الطقم النحاسي. لكن اكتشف أن الفناجين أحد عشر فنجاناً. همس لنفسه: لعل صاحبة البيت أخذته معها في لحظة هروبها، أرادت أخذ شيئاً من رائحة البيت! مئات الصور تدفقت جميعها حول الفنجان الهارب من المجموعة. لكن بقي سر سرقة الابريق والفناجين والصينية محفوظاً في ذاكرته. عندما تزوج وضع الصينية والابريق والفناجين في زاوية بارزة في غرفة الضيوف، يراها كل من يدخل الغرفة. تلفتُ نظر الضيف، حين تستقبله الصينية بلمعانها و زخرفتها. ولم يقل حكايته لأحد حتى لزوجته التي توفيت وتركته لوحده، وبقيت الصينية مكانها لم تتحرك، حتى عندما ارادت زوجة ابنه أن تغير ديكور الغرفة ووضعها في مكان آخر. حمل الصينية وأعادها مكانها، مما أغضب زوجة الأبن التي طعنها في ذوقها. وأطلقت كلمة "بلاش" وهي خارجة من الغرفة، وامعاناً في "بلاش" لم تعد تنظف غرفة الضيوف.
أنه في حيرة.. ماذا سيقول لطلاب المدرسة؟ هل سيكشف الحقيقة؟ لا.. سيحكي قصة أخرى غير القصة الحقيقية، فالابريق لا يعرف الكلام، أما الصينية فهي مستسلمة وكذلك الفناجين فهم في حالة استرخاء، يستطيع تأليف قصة جديدة. وقف الجد امام الطلاب، اخترع قصة أخرى، قصة احد الباعة الذي جاء الى بلدته متسللاً، وقام ببيع الطقم النحاسي بمبلغ كبير حتى يعود الى عائلته في لبنان التي تعاني من الجوع، آنذاك كان النحاس غالياً وله قيمته، وقد قام الجد ببيع البقرة التي يمتلكها لشراء الطقم النحاسي.
وبطريقة تمثيلة اخذ يتكلم عن البقرة الضحية التي بيعت وذبحت من أجل الفناجين والابريق والصينية. سمع هرج ومرجا، تحرك المعلم الواقف الى جانبه، فتح أحد التلاميذ الباب وصرخ بأعلى صوته: أجا وزير المعارف.. أجا وزير المعارف..! وقف الجد بعيداً يراقب الوزير الذي يحاول التكلم باللغة العربية مجاملة لوجوده في المدرسة العربية. لكن عندما سمع المدير يرحب به باللغة العبرية تراجع وأخذ يتكلم بالعبرية. قام الوزير بتأمل المعروضات، الاشغال اليدوية، تطريز ولوحات ومجسمات كرتونية.. ابتسامته البلاستيكية لم تفارق شفتيه. رسمها بقلم الملل الذي يضعه في جيبه، فهو يوقع بواسطته على زياراته الروتينية. نظراته المتأففة تسير بسرعة فوق الطاولات التي تعرض المشغولات، يسحب كلمات المجاملة الباردة من حنجرته المهترئة من شدة جلدها بسياط النفاق. والمدير يلف ويدور حول المعروضات، يشرح له، وأحياناً يحمل قطعة ويقربها من أنف الوزير، والوزير ينتشل نفسه من بحر المجاملات ويرسم الابتسامة التي لو تأملها المدير والذين يسيرون خلف الوزير وأمامه لعرفوا أنه يختنق ويكبت مشاعره. وصل الى الصينية والأبريق والفناجين. انفجرت ابتسامته، امسك بالإبريق، وأخذ يقرأ الكلمات المكتوبة باللغة العربية. لقد انبهر بصنعه وجماله وبدقة الرسومات التي تحيط بالإبريق. تعمد الوقوف أمام الفناجين التي تحمل أيضاً بعض الكلمات، وأخذ يقرأ، أما الذين يحيطون به، فقد فرحوا لأن هناك شيئاً أدخل السرور الى قلب الوزير، وهذا سيمنح المدرسة شهادة شرف وتألق. سأل الوزير المدير: ومن أين اتيتم بها؟ وأشار الى الابريق والفناجين والصينية. نادى المدير على الجد، وقف الجد امام الوزير. سأله الوزير من اين اشتراه؟ فحكى له قصة بيع البقرة. لم يستطع قول الحقيقة، سيتهمونه بالسرقة حتى لو بعد مئات السنين .
همس المدير بأذن الجد: لماذا لا تمنح الطقم النحاسي هدية للوزير؟ حاول التجاهل. سمع الوزيرالكلام فضحك، ربت على كتف الجد، لم يجد الجد امامه إلا الصمت، والصمت في عرف وعالم المسؤولين هو علامة الموافقة والرضى. قام المدير بلف الصينية والإبريق والفناجين بسرعة وسلمها هدية للوزير: تفضل يا سيادة الوزير هدية المدرسة..!
بعد أن ركب الوزير السيارة وغادر ساحة المدرسة، قدم المدير للجد مبلغاً من المال ثمنا للأبريق والصينية والفناجين، لكن الجد وضع المبلغ المالي على الطاولة وخرج.. سرق الصينية والإبريق والفناجين قبل عشرات السنوات، حافظ عليها، والحفاظ كان بالنسبة له رسالة للعائلة التي تركت بيتها فسرقوه، كان يريد أن يبلغ العائلة ان هناك شيئاً محفوظاً، شيئاً باقياً لم يُسرق.. ها هم يسرقون آخر دليل لعائلة كانت موجودة.
فتح بوابة المدرسة وخرج يجر جسده المتعب كأنه كان في سباق للركض. سمع بواب المدرسة يصرخ بأعلى صوته وبغضب: سكر البوابة.. ليش خليتها مفتوحة؟!!


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0

اضافة تعليق

الاسم الشخصي *

 

المنطقة / البلدة

البريد الالكتروني

 

عنوان التعليق *

 

التعليق *

 


Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0
الصفحة الاولى | الاعلان في الموقع | اتصلوا بنا |                                                                                                                                                                                               Powered By ARASTAR