|
|
|
قصة قصيرة لنعمان إسماعيل عبد القادر: صناعة أجنبيّةالتاريخ : 2016-12-03 13:53:33 |أنْ تنجب ولدًا أو بنتًا قبل أن تبلغ الثّالثة والثّلاثين من عمرها! ومن أبٍ مجهول الهويّة؟ هذا في حدِّ ذاته جنون، وهو أمر لا يتقبّله، لا العقل بمنطقه، ولا المجتمع بأعرافه، ولا الدّين بِشِيَعِهِ. أمّا أن تصير أمًّا، فهذا مشروط بالزّواج. ولكن أيّ زواج هذا الّذي يتحدّثون عنه؟ هل يمكن صُنعه في مصنع خاصّ، كما تصنع السيارات، والطّائرات، والأدوات المنزلية؟ قالوا لها: "إذا كانت السيارات ذات أشكال وألوان أحجام، فللزواج أيضًا أشكال وألوان وأحجام". لكنّ حلمها الذي ظلّ يراودها، أن تصبح أمًّا، يقضّ مضجعها. كيف لا بعد أن بلغت هذا السنِّ دون أن يتحقق لها أدنى شكل أو لون من الزواج؟ كثيرًا ما كانت تقول لقريناتها: "إذا كنت تريد أن تحصل على المعرفة الكليّة الشّاملة، من وجهة نظر أفلاطون، فعليك أن تستخدم العقل وسيلة لها وتجعل الوصول إلى الحقيقة أسمى غاياتها، فأين العقل وأين الحقيقة عند هؤلاء الناس؟" ها هي الحياة تمرّ بسرعة دون أن ندري، والطيور من حقّها أن تهاجر في الخريف وأن تعود إلى وطنها في الربيع، أما هي فلا وطن لها بلا زواج. قالت له بلا تردد: "يا يوسف! ها قد قضينا معًا سبعة من الأعوام بحلوها ومرّها دون أن أطلب منك شيئًا، والآن إما أن تهتدي فنتزوّج أو أكون أوّل المنفصلين". أجابها بعد تفكير عميق:"بل نكون من المنفصلين". غاصت في أعماق بحر من التفكير المملّ وهي تحسّ أن قروشًا جائعةً تريد الانقضاض عليها والتهامها. أي مجتمع هذا الذي نعيشه في دنيا فانية؟ أي غربة هذه التي نعيشها في وطن نعيش فيه أجسادا بلا أرواح؟ أي تراث هذا الذي تغذيناه وهضمناه وصار يجري مجرى الدم في العروق مع أننا نعلم أنه مشبع بالتناقضات ثمّ نظلّ في الدير صامتين؟ يريدوننا أن نكون راهبات في زمن انحسرت فيها الرهبنة ثمّ يصيحون بأعلى أصواتهم أن لا رهبانية في عقيدتنا؟ تعليقات الزوار Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/include.php on line 0 Warning: mysql_fetch_array(): supplied argument is not a valid MySQL result resource in /home/almsar/domains/almasar.co.il/public_html/admin-aps/plugins/comments/ARA_load.php on line 0 |