مها فتحي: اربعون حراميًا...!!

التاريخ : 2018-01-19 13:04:03 |

ضلَني البصر فاهتديتُ الى البصيرة، وحضرت معي الحواس الخمسة هناك. دفعتني لاستقراء نصوص الحياة، فوجدتُ أنَ النصوص تسير على قنطرة هشَة من الحقيقة، مع صخبٍ لا علاقة له إلا بالإبهار الخادع والطنطنات.
هذهِ اللوحة لا علاقة لها لا بالخبز، ولا بالورد، ولا بِأزقة مفتونة بالإحساس.. هذه اللوحة قام برسمها حرامي الوان المرحلة، فصارت ذات ابعاد لصوصية بحتة.. هكذا اشار لي البصر.
وهذا الاصغاء الى هذه القطعة الموسيقية النشاز نوعٌ من اضاعة الوقت مع حرامي اكاديمي، تخرج من كلية العزف.
أنا لا اجد خيطًا مشتركًا في تدفُق السلم الموسيقي المتحجر أصلًا في هذه الأذان، التي تعبت من سماعِ تراكم منظومة الخرائبية، يومًا بعد يوم.
عصفور واحد كافٍ بأن ينتف ريشنا فردًا فردًا، ويلتقط بمنقارهِ حبة القمح التي على الارض، ليسُد رمق نصف العالم من الجائعين. اما النصف الاَخر فقد سَرق ملايين الحبات منهم عنوةً وقسرًا، وضاعت حاسة التذوق في المسافة المصحوبة بينهما.
حرامية، مع دروع من التكريم بهيئة سنابل خضراء، يتمرَسون في ساحات النفاق والرياء، من الحائط الى الحائط، والكل يصفق لهم.
في الشم لا اشم إلا رائحة الخوف، وهذا ثمن من يعنيه كل شيء حتى الباب الذي قرعته الرياح في قصيدة الشاعر العراقي الفظ، بدر شاكر السياب، تماهيتُ مع رقة أخشابه، وارتعدت من قسوة الريح التي نقرته.
فما بالك بالحواس حين ترى قطيعة دجلة والفرات، والجروح في نقاط التقاطع بينهما؟!
هؤلاء الحرامية لا يتوقفون لحظة واحدة عن سرقة الأمان من عيون أوجعتها الرتابة، في بث صورها يوميًا هباءً متّحدًا او منثورًا.
والحرامي ليس فقط من يسرق المال والأملاك، الحرامي من يقود عملية التدجين السلبي وترشيد القطيع الى متاهات لا منافذ لها.
الحرامي من يتجرأ على اقتحام مناطق انسانية طاهرة، ويحولها الى مناطق منزوعة الإحساس، مضطربة وعبثية، ومُشبعة بمتطلبات الحداثة والفوضى الخلاقة.
جلّهم هكذا، ولكني - أعزائي القراء - سأحمل شُعلة من مشاعل الأمل وأسير معكم، لأنه لا بد، والبد هنا هو رحيلهم حتى لو كانوا أربعين حراميًا أو مائة الف او نصف العالم، فربما تكون نزهتهم المؤقتة وديمومتنا الباقية...!!