كل واحد يلبس صفّارة قبل النوم وحديث مع أمنا الأرض..! بقلم: شوقية عروق منصور

التاريخ : 2023-02-22 17:34:42 |

في نهاية الفيلم الشهير "تيتانك"، استطاعت بطلة الفيلم "كيت ونسلت"، التي مثلت شخصية "روز"، أن تنبه الذين يبحثون عن الناجين من الغرق عن طريق الصفارة.  فقد قامت بالتصفير عدة مرات، عندها عرف الذين يقومون بالبحث أن هناك أحد الناجين. وينتهي الفيلم بغرق "جاك" (ليوناردو كابريو) ونجاة "روز".

وكنت أقول: لولا الصفارة التي كانت مع أحد الغرقى واستعملتها البطلة لما استطاعت النجاة وجعل نهاية الفيلم.. موت الفقير وبقاء الغنية على قيد الحياة.

ومؤخراً كان الاقتراح على كل واحد منا ان يحمل في عنقه صفارة، خاصة في الدول التي تستيقظ فيها الزلازل أو الهزات الأرضية، فحين تقرر الأرض أن تفرد عضلاتها وتستمع بأصوات البشر وهم في حالات الهلع.. علينا أن نواجه الهزة الأرضية بالصفارة نعم - هذا حل من الحلول - فهذا يُسهل عمل رجال الإنقاذ فالإنسان العالق تحت الردم يستطيع التصفير حتى يعرف فريق الإنقاذ أين هو بالضبط ؟؟ عندها قد ينجو من الموت، فكرة قد تكون بسيطة ولكنها في تلك اللحظات قد تكون هامة .

أخبار الهزات الأرضية والصور الراكضة فوق الشاشات والفضائيات، حاملة معها أكوام الركام والبيوت المنهارة وصرخات الخوف والفزع ودموع الرعب والوجوه التي خرجت من بيوتها محاولة فهم أسرار غضب الأرض وارتداء قميص جنونها .

أثناء انشغال الناس بالبكاء والبحث عن الأحياء واستعراض قوافل السيارات التي تحمل المساعدات ، وبين كل قافلة وقافلة هناك الغمز واللمز ، الدولة الأقوى والأغنى ، والمنطقة التي تستحق المساعدات والمنطقة التي لا تستحق ، ويصبح سلم " ريختر " سلم الإنسانية المكسور وتبقى السياسة هي حلبة الرقص ، كل دولة ترقص رقصتها المعروفة ، ومن يقول أن المساعدات تأتي لوجه الانسان والإنسانية فهذا الكذب بعينه ..!! فوراء كل مساعدة أهداف وديكورات حفظنا تفاصيلها والوانها الباهتة .

أثناء الانشغال .. اقتربت من " أمنا الأرض " نظرت إلي بلا مبالاة وعندما دخلت الأرض إلى بيتها وحاولت اغلاق الباب بوجهي وضعت قدمي كي لا تغلق الباب ، توسلت إليها محاولة سؤالها عن سبب غضبها ..!!

قلت لها أنت الأم الرحيمة ، الحنونة ، الأم التي تهدينا الخيرات و ...!!

ما أن سمعت كلمة خيرات حتى قفزت الأرض أمامي وبدأت تخرج من فمها الحمم النارية مصحوبة بالرياح العاتية ، وأخذت تضربني بيدها وتقول لي اصمتي ..!!

انتم البشر لم تتركوا لي الاحترام فقد اغتصبتم عمق الأرض والبحر والسماء والفضاء لم تتركوا لي فرصة أتنفس بها ، لقد وضعتم الكمامات على منافذ تنفسي حتى اختنقت ، وقمتم بسجني داخل حانة قمار ، واجبرتموني على الجلوس أمام رؤساء دول وما هم سوى رؤساء عصابات يحاولون السيطرة علي وكل رئيس عصابة من هؤلاء يحاول اغتصاب جزءا مني وجعله ميداناً لسباق جنونه النووي والذري وباقي أسلحته السرية التي لا أعرفها ولم أقرأ عنها طوال وجودي ، كل يوم اسمع صراخ ذرات ترابي وصراخ جبالي وسهولي وودياني ، كل يوم اجمع دموعهم اقدمها لكم فيضانات وبرقيات عواصف ولا تهتمون ، لقد ضقت ذرعاً بكم .

وكان سؤالي للأرض هل هذا انتقام ؟ تريدين تصفية الحسابات مع رؤساء العصابات؟

ضحكت الأرض وهي تهمس لي ، بل هذه " الهزات قرصة إذن للبشر " حتى يقومون باحترامي ويتركون اعماقي لقد شبعت من حروبكم وشبعت من شرب الدماء ، شبعت من احتضان الجثث ، ارحموا ترابي النقي ، ارحموا حقائب الذكريات المملؤة بصور اجدادكم ورسائل الخير والخيرات ارحموني ... !!

استيقظت من حلمي و ابنتي تهز كتفي تقول لي: شعرت بالهزة ..؟

- أي هزة ..؟؟

ضحكت وقالت :

- خليك نايمة احسن ..!!