نواعم سعيد شبلي/ هكذا الدنيا..!!
التاريخ : 2013-01-13 10:31:35 |
إذا تأملت الدنيا وجدتها عبارة عن خليط هائل من المتغيرات والتقلبات والتجاذبات والانفعالات, المتغايرة والمختلفة والمتعاكسة. وجدت فيها الحركة والسكون, العمل والخمول, الصحة والمرض, الغنى والفقر, الشرف والوضاعة, القناعة والطمع, الشح والكرم, الجهل والعلم, الكفر والإيمان, الصلاح والطلاح, الظلم والعدل, العدوان والمعتدى عليه, الجهاد والتدافع المستمر بين الحق والباطل, القتل والقتال, والكوارث الطبيعية والبشرية, وضحاياها الصلة والقطيعة, الاستقامة والفسوق, الطهر والنجاسة, السرور والحزن, الهم والغم, العزة والذلة, اليد العليا واليد السفلى, اللقاء ثم الفراق, وفراق البر وفراق. دون فراق وما بين كل صنفين أصناف عدة, بعضها قريب إلى هذا الصنف, وبعضها الآخر. قريب إلى الصنف الآخر ولكل صنف من هذه الأصناف الآنفة الذكر وما بينها من الأصناف أهله وطلابه.
ان المكر والخداع والغش محنة وفتنة وبلاء, ومشاكل تدبر وأخرى تقبل. فما أن تدبر مشكلة حتى يظن صاحبها أنها قد فرجت, وانه قد استراح وأراح, إلا وتقبل عليه أختها التي هي اشد من سابقتها, وذلك من غير توقف ولا انقطاع. كما وجدت التزاحم والتدافع فيما بين الناس على الكسب وأسبابه بالحلال أو الحرام, والرئاسة وأسبابها بالحق أو الباطل, ضغط يرتفع وضغط ينزل, وما بين الضغطين جلطات وسكتات قلبية وموت..!
هكذا هي الدنيا, فهي عبارة عن حركة دؤوب لا تعرف الثبات أو القرار, تعبر عن تلك التغييرات والتقلبات والتفاعلات المتغايرة المتقلبة. أرحام ترفع وقبور تبلع, وما بينهما آهات وبلاءات وآلام وفتن ومحن. ومن لا يفهمها على هذا الوجه ويتعامل معها على هذا الوجه وإنها دار عمل وكد واختبار, ثم أرادها لنفسه دار قرار واستقرار ومتاع وجزاء, لا هم ولا غم ولا نكد فيها, فهو واهم وخاسر. وسرعان ما يلتطم بالواقع الأليم, الذي لا يحسن تفسيره, والذي قد يوقعه في قلق شديد, قد ينتهي به إلى الانتحار أو إلى الكثير من الأمراض العضوية والنفسية.
وأخيرا فان من يستشعر ويعيش هذه الدنيا بكل جوارحه ومشاعره يدرك تفاهة وضيق الروابط الأخرى, التي ينادي بها الناس في هذه الأيام, وتجعل صاحبها يعيش في قفص وسجن سجان. ليجد نفسه بعيدا جدا عن سعة ورحابة عالميات الإسلام..!!