الدكتور الشيخ ضرغام صالح: خطر ناقوس السحر (الحلقة الثانية)

التاريخ : 2014-11-25 10:24:08 |

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أمَّا بعدُ:
تحدثت في الحلقة السابقة عن السحر...، معناه... حقيقته... حكمه... وأقوال أهل العلم فيه، وفي هذه المقالة سأشدد في التنبيه على خطورته وشره.
ما أردت التنبيه عليه أن السحر والشعوذة، شرٌ مستطيرٌ في الدنيا، وكآبة ونكد وإغلاق بيوت، وهو نار وجحيم وعذاب يوم القيامة، بمعنى أنه خسارة في الدنيا وخسارة في الآخرة.
ثم أن المشعوذ الدجال نوعان: إما أن يكون ساحرًا، بمعنى أنه مرتبط ارتباطًا كفريًا مع الجن وشياطين الجن، وهذا كفر وشرك وردة عن الاسلام ان ثبت عليه هذا، ذلك أن الله سبحانه وتعالى سمى السحر كفرًا بقوله: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) [البقرة: 102].
وإما أنه دجّال كذاب، متاجر بأعراض وأموال الآخرين رجالا ونساء، وعلى كلا الحالتين نحذر المسلمين جميعًا من التعامل مع أمثال هؤلاء المشعوذين الدجالين، لأن التعامل معهم والذهاب إليهم هو خسارة في الدين والدنيا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد). [رواه أحمد]. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافًا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة). [رواه مسلم]. وروى البزار عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)
ولا فرق بين هؤلاء الدجالين والمشعوذين فيمن يدعون المعالجة من المس أو السحر وغير ذلك من خلال ما ذكرنا، أو بالمندل أو الفنجان أو النجوم أو الأبراج...، فكل ذلك يدخل في الأحاديث التي تحذر فيه الذهاب إلى العراف والكهان والدجال وغير ذلك من المسميات.
ثم الحذر الحذر، أن يتجرأ ذلك الدجال ليستهوي ضعف نفسيتك، ليستخف عقلك، ليدعي المعرفة والعلم بالغيب، ولا يعلم الغيب الا الله، فعلم الغيب الذي استأثر الله به وحده كما في قوله تعالى: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} [النمل:65] وقوله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً * إلا من ارتضى من رسول) [الجن : 26 - 27]، وإننا اليوم لفي زمانٍ كثر فيه هؤلاء الأدعياء الدجاجلة، لا كثّرهم الله، فهم داءٌ خطير، وشرٌ مستطير يُقوض سعادة الأفراد واستقرار الأُسر وأمن المجتمعات.
فإذا ما ذهبت إلى أحدهم -لا قدر الله- فإنه يخبرك أنه سيكون معك كذا... وينتظرك كذا...، وأيام قليلة ستكون لك مفاجأة...، وسيفتح لك طريق في حياتك...، أو سيغلق طريق أمام ابنك أو ابنتك... أو أن ابنتك سوف يأتيها خاطب أو عريس... أو إلى غير ذلك من الخرافات والخزعبلات... فنحن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا نركن إلى كل ذلك، بل علينا أن نحارب كل هذه الخرافات والشعوذة وأن نوقظ الهمم في أبنائنا، ونعلم الآخرين من خطر ضياع الأمة الاسلام، وأبناء الأمة الاسلام، وشباب أمة الاسلام، وأن هناك قضايا علينا الاهتمام بها وأن نوجه شبابنا وأبناءنا على قضاياهم المهمة مثل قضية الأمة اليوم وهي قضية القدس والأقصى والمقدسات والأرض والمسكن، وقضية فلسطين برمتها.
فيجب على المسلم أن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها، ويحذر من سؤال أهلها أو تصديقهم، طاعة لله ولرسوله، وحفاظاً على دينه وعقيدته.
نصيحتي إلى السحرة والمشعوذين:
وأنا أنصح هؤلاء السحرة والمشعوذين، وأقول لهم: أنقذوا أنفسكم من عذاب الله، فلا بد يوماً يأتي ويقف فيه الكلُّ بين يدي الله تعالى، فماذا أنتم قائلون فيما سعيتم فيه من إلحاق الأذى بالمسلمين، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} (58) سورة الأحزاب.
نعم، لا بد من ساعة تأتي ليحاسب فيها الجميع أمام الله، كما قال تعالى{وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (281) سورة البقرة.
نصيحتنا إلى من يذهبون إلى السحرة والمشعوذين:
ونصيحتي أيضاً لكل مسلم يحب الله ورسوله أن يصون نفسه وأسرته وماله عن هؤلاء المنحرفين عن مهج الله تعالى وفطرته، وألا يكون فريسة لهؤلاء الكذابين فكلنا مؤتمن ومسؤول عما ولاه الله إياه، وأنَّ الضررَ والنفعَ بيدِ اللهِ سبحانَهُ وتعالَى، وتأكيدًا لهذَا المعنَى قالَ الصادقُ المصدوقُ صلواتُ ربِّي وسلامُهُ عليهِ: (وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَىْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
نصيحتي لمن يروج للسحر والسحرة:
كما أنصح كل من يروج لهؤلاء، ليعلم أنها من شهادات الزور التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يتقوا الله في المسلمين، فالكلمة أمانة، وبيوت المسلمين أمانة، وأموال المسلمين أمانة، والله تعالى سائل كلّ عما استرعاه حفظ أم ضيع، وفي الحديث الذي رواه ابن ماجة في سننه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْطِ اللهِ، لاَ يَرَى بِهَا بَأْسًا، فَيَهْوِي بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفًا). والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين