نضال إبراهيم غرة: اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة أعطني حقوقي أو خذ إعاقتي

التاريخ : 2016-12-09 08:00:21 |

* معالج طبيعي مختص بتطور الطفل

ينص قرار الأمم المتحدة أن اليوم الثالث من ديسمبر من كل عام هو اليوم العالمي للمعاقين . ويهدف هذا اليوم إلى تعزيز فهم قضايا الإعاقة , دعم ذوي الإعاقات ,أهمية  دمجهم في المجتمع في كل جانب من جوانب الحياة, والمساواة الكاملة مع الآخرين, فهم حقوق المعاق , تثقيف وتطوير وتعزيز وعي المجتمع حول الإعاقة .

اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة هو يوم مميز للعديدين من أطفالنا المعاقين , لأنه يعني الاعتراف بهم وبحقوقهم في المساواة والعيش بكرامة وتعامل مبني على الاحترام والتقدير والتركيز على قدراتهم وايجابياتهم لا إعاقتهم واحتياجاتهم . فلا بد ان نسال , هل يكفي يوم واحد في السنة لنفتقدهم ونسلط الضوء عليهم ؟ هل يكفي ان برنامج هذا اليوم مليء بالمحاضرات والندوات وورشات العمل والاقاويل ؟ التي طالما سمعناها في كل عام . والاجابة هي بالطبع لا , فهم موجودون معنا طوال الوقت وفي كل مكان , لا يمكن ان نهمشهم ,لا يمكن ان ننساهم طوال الوقت ونفتقدهم فقط يوم واحد في السنة .

ان الإسلام اهتم بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة وقواهم بالصبر والعزيمة واعتبر السخرية منهم والهمز واللمز من كبائر الذنوب . ونحن نشير إلى قرار الأمم المتحدة الذي تم إعلانه فقط قبل بضع سنوات , نؤكد أن الإسلام سبق الأمم المتحدة ب-1433 سنة تقريبا بالاهتمام بالمعاقين إلى أقصى درجات الاهتمام والاحترام والرعاية والتمكين . وإذا كان العالم قد خصص يوما واحدا كل عام للاهتمام بالمعاقين وأطلق عليه اليوم العالمي للمعاقين , فالإسلام قد وضع المعاقين في عيون الجميع وشدد على الاهتمام بهم في كل وقت وحين وكفل لهم كل فرص التقدم والمساواة مع الآخرين على الدوام وفي كل الأحوال .

 إن المتأمل في القران الكريم يجد أمامه مثلا ايجابيا من أمثلة الاهتمام والرعاية بذوي الاحتياجات الخاصة , وهذا المثل وهو عتاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في قصة عبد الله بن أم مكتوم ذلك الأعمى الذي حضر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجلس معه كما تعود فاعرض عنه رسول الله لعدم فراغه وانشغاله بدعوة كفار مكة وسادتها ومحاولة جذبهم إلى توحيد الله وأدار وجهه عنه والتفت إليهم , وبالطبع لم يرى ابن أم مكتوم ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أعمى . فجاء عتاب الله لنبيه :( عبس وتولى , إن جاءه الأعمى...) . وبهذه الآيات البينات أوضح الله تعالى لنبيه ولامته أن المؤمن الضرير الكفيف هو أطيب عند الله من هؤلاء الصناديد الكفرة . فكان صلى الله عليه وسلم كلما رآه هش له ورحب وقال : ( أهلا بمن عاتبني فيه ربي ...) ورغم فقر ابن أم مكتوم وثراء هؤلاء القوم إلا انه عند الله أثقل ميزانا وأحسن حالا وأفضل مقاما .

كانوا يسمون بالمقعدين ثم أطلق عليهم ذوو العاهات ثم العاجزين , ثم اكتشف المجتمع أخيرا بان هؤلاء ليسوا عاجزين , لان المجتمع هو العاجز عن الاعتراف بهم , وعاجز عن تقبلهم والاستفادة من مواهبهم وقدراتهم التي يمكن تنميتها وتدريبها . وعندما أدرك المجتمع انه هو السبب في تلك العوائق التي تمنع المعاقين من التكيف معه , غير نظرته تجاه المعاقين عن التكيف والاندماج مع المجتمع . ومن هنا أصبح يطلق حضاريا على المعاقين اسم ذوو الاحتياجات الخاصة .

إني مؤمن أن الإعاقة ليست بالجسم بل الإعاقة بالعقل , فالكثير من الغير معاقين للأسف عندهم إعاقة عقل بالتفكير والتصرف , والكثير ممن يملكون العقل والجسم يسيئون استخدامه.

فالمعاق هو جزء من المجتمع ولا يتجزأ عنه وكثير ممن أبدعوا وكانوا أضواء للإبداع والروايات والاختراعات والتقدم ومشاركتهم بالمسابقات والرياضة أثبتت وجودهم وإبداعهم وتحويل حياتنا لألوان مختلفة . نعم معاقون غيروا مجرى الحياة  طه حسين  , هيلن كلير أعجوبة المعاقين , الشاعر أبو العلاء المعري

توماس إديسون  , بتهوفن  , جان جاك روسو

 نيوتن , الرئيس روزفلت , الإمام الترمذي

مصطفى صادق الرافعي  .

اعطني حقي او خذ اعاقتي: من حقي أن تتوفر لي البيئة العمرانية المناسبة لتسهيل حركتي واستخدام المرافق العامة بسهولة ويسر, كم من المؤسسات العامة معدة وملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة . من حقي أن تكون هناك دورات مياه خاصة للمعاقين في المباني الحكومية والعامة والأسواق والمساجد. من حقي الحصول على مواقف خاصة في المواقف العامة . من حقي أن تكون الممرات والأرصفة خالية من العوائق ( للتذكير فقط , ارصفة خالية من المعيقات لا يوجد ولا نراه بتاتا في قرانا ومدننا العربية من الشمال  حتى الجنوب . اما لا نرى ارصفة بتاتا , او نرى ارصفة مليئة بالمعيقات على شتى انواعها . فالسيارات الكبيرة والصغيرة , وبقايا الاشجار والبناء , وحاويات القمامة  , واعمدة الكهرباء والتليفون , والبسطات ومحل الفلافل , والقهوة , ودكان الخضار وبسطته المعروضة وبذألك لم يتبق مكان على هذا الرصيف حتى للصاغ سليم بان يمشي عليه فكيف ذألك للمعاق ) . لي الحق في التعليم والتأهيل . من حقي الحصول على الخدمات التعليمية والتربوية في جميع المراحل من حقي التعليم في المدرسة العادية من خلال دمجي مع الآخرين . لي الحق في الحصول على موقف خاص للمعوقين ( كم موقف خاص للمعوقين يوجد في مدننا وقرانا العربية ) , خذ موقفي أو خذ إعاقتي , قف بجانبي لا تقف مكاني , من حقي ممارسة الرياضة والترفيه , من حقي ممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية المناسبة لقدراتي , من حقي تهيئة البيئة والظروف المناسبة للقيام بالأنشطة الرياضية بأمان , من حقي توفير كوادر بشرية مؤهلة في المجال الرياضي والترفيهي لتدريب وتأهيل المعوقين , من حقي تنظيم الأنشطة الرياضية والترفيهية الخاصة بالإعاقة وتطويرها والمشاركة فيها , من حقي العمل ,  من حقي تكوين أسرة , لي الحق في الخدمات الاجتماعية ,  لي الحق في المشاركة الثقافية , لي الحق في الإعلام والتوعية . من حقي كمعاق حركي التعلم في المدرسة العادية   وعلى المدرسة تجهيز المنحدرات ودورات المياه  والتجهيزات الأخرى المناسبة لحالتي ,  من حقي كمعاق كفيف التعلم بطريقة برايل , من حقي كمعاق أصم التعلم بلغة الإشارة ,  من حقي كمعاق الحصول على التعليم الجامعي , من حقي كمعاق المشاركة في الأنشطة التي  تمارس في إطار النظام المدرسي , من حقي الحصول على التأهيل المناسب لإعاقتي .

ومسؤوليتنا هي أن ندعم حقوقهم, أن نعطيهم حقوقهم , مراعاة حالتهم وحقوقهم , ولا اقصد بالمراعاة وهي الشفقة أو جرح إحساسهم  بكلمات ليست مناسبة وتبقى في النفس طوال العمر تجرح دعونا نملك ريشة الإنسانية ونرسم بها حياتنا . دعونا من التميز بشخص فقد شيء وأنت تملكه ولا تنسى أن الله يأخذ ويعطي من يشاء . وقد يكون شيء ينقصك هو يكمله بنفسه عنك  .