احمد كيوان: لم يعد فلتاناً وعنفاً بل إرهاباً...!

التاريخ : 2019-10-11 10:19:59 |

كتبنا الكثير الكثير عن العنف "المزدهر" في مجتمعنا، وقلنا أكثر من ذلك بكثير. ولكن يبدو ان لا حياة لمن تنادي!

واذكر انني قلت، قبل عامين، لمن سألني عن رأيي في العنف الضارب في مجتمعنا، وكان ذلك في اعقاب وقوع ضحية جديدة من ضحايا العنف في ام الفحم.. لقد قلت وقتها لصديقي السائل: يبدو ان هذا المسلسل لن يتوقف عما قريب. فقال لي: لماذا؟ قلت له: اننا أصبحنا بحاجة الى صدمة قوية حتى نستيقظ مما نحن فيه. ولا أدرى ان كان صديقي اقتنع بما قلت له ام لا، لكنني كنت ولا زلت عند هذا الرأي. فالذي نتعرض له مركب وينطوي على ابعاد متعددة، وليس بالضرورة ناتجا محليا. وهناك من يقول اننا ابتعدنا عن مثلنا واخلاقنا، ولهذا حدث لنا ما نراه. وغيره يقول اننا ابتعدنا عن ديننا وعن الصلاة، لهذا جاءت نقمة ربنا علينا، رغم ان المصلين والحجاج ومدعي التدين هم الغالبية العظمى في هذا المجتمع المنكوب.

وجاءت في الآونة الاخيرة صدمات لافتة، وحوادث مقلقة الهبت الشارع واغضبت الجماهير. فالجريمة النكراء التي وقعت في مجد الكروم، وراح ضحيتها ثلاثة شبان بينهما شقيقان من عائلة مناع، كانت اكبر من ناقوس الخطر. والجريمة القذرة التي حدثت على الشارع الرئيسي وادي عارة، في حي عين الزيتونة الفحماوي، والتي راح ضحيتها الشاب الوسيم ابراهيم محمد عارف كايد كيوان، وجُرح فيها شخصان آخران - اتمنى لهما الشفاء العاجل - اشعلت كل الاضواء الحمراء، واحدثت حالة من الغضب الشعبي العارم لم يسبق له مثيل. وقد تجلى ذلك في عيون ووجوه كل الذين شاركوا في جنازة الفقيد، او الذين امّوا بيت العزاء.. كل العيون وكل الوجوه كانت تقول: لقد حان الوقت لوقف هذا الذي يحدث، ولم يعد ممكنا ان يستمر موقف اللا مبالاة. وقد كان الغضب جامعا لكل العائلات والحارات وكافة الاوساط الاجتماعية، ولم يكن مجرد انفعال عابر وآنيّ، فالجريمة حدثت في عز النهار وعلى مرأى ومسمع المئات من المسافرين في المركبات التي كانت تملأ شارع وادي عارة في مثل هذا الوقت. والذين نفّذوا الجريمة وأطلقوا النار من رشاشاتهم، نهارا جهارا وبمثل هذه الجرأة وفي شارع مزدحم وبشكل عشوائي، كأنهم كانوا مطمئنين بانه لن ينكشف امرهم، بمعنى ان هناك من يغطي عليهم.

وقد يكون هذا التحليل صحيحا او غير صحيح، لكنه احتمال وارد، فالذي نعرفه ان السلطات لا تتهاون حتى مع شخص يرمي حجرا واحدا على مركبة عابرة في هذا الشارع، وتصنف هذا الشيء بانه عمل ارهابي وحادث أمنى خطير. ولا تلبث خلال وقت قصير من اعتقال ملقي الحجر، وتقديمه للمحاكمة وتفرض عليه أقسى العقوبات. وجرى ذلك اكثر من مرة، فاذا كان الحجر خطرا امنيا كبيرا وعملا ارهابيا لا تهاون معه، فلماذا لا يقولون لنا ان اطلاق النار في عين الزيتونة ومصرع الشاب ابراهيم جراء ذلك هو عمل ارهابي وخطر امني كبير. وأكثر من ذلك، لماذا لم تقل لنا الشرطة والسلطة حتى الآن انها تمكنت من فك رموز تلك الجريمة، وانا متأكد انهم يعرفون كل التفاصيل؟! فلا يعقل ان يطلق القتلة النار على المكان الذي عادوا واستهدفوه حين مروا في المرة الأولى، وذهبوا الى مفرق البيار (مي عامي) واستداروا مرة اخرى باتجاه عين الزيتونة، مع انه توجد عند مفرق البيار وامام بيوت العم توفيق صالح كيوان كاميرات تصوير عملاقة، على عامود عملاق يستطيع ان يصور حتى النملة على مساحة تمتد مئات الامتار في كل اتجاه ثم كانت هناك طائرة في الجو تراقب كل شيء. وهذا يعني ان كل تفاصيل هذه الجريمة اصبحت واضحة تماما، ومنذ اللحظة الأولى!

من هنا كان الغضب عارما لدى الجمهور الفحماوي على جهاز الشرطة، الذي تُوجَه اليه الاتهامات، ليس بانه مقصر فقط وانما بانه مشجع ومتآمر على جماهيرنا. فالإرهاب الاسود الذي يجري في مدننا وفي قرانا مصدّر الينا في الأساس، وعندنا من الاغبياء والمجانين وفاقدي الضمائر ما يجعلهم ادوات تنفيذية لمؤامرة كبرى على جماهيرنا وشعبنا. فالذي اشعلوه في بلداننا العربية التي اكتوت بآفة الارهاب هو نفسه ما يجري عندنا، وحسب مواصفات أخرى، لتمزيق المجتمعات من الداخل.. انها وبكل صراحة "الفوضى الخلاقة" ما يحدث هناك ويحدث هنا.

 وانا هنا اتوجه الى كل ابناء شعبنا من كل العائلات والحارات بان حان الوقت لكي نصحو جميعا.. كفوا عن هذا الاستهتار وهذه العبثية، فلا يعقل ان ينام الناس الآمنون على وقع ازيز الرصاص. هذا ارهاب لترويع الآمنين، والكل مستهدف ان كان مطلق النار او الضحية. فالسلاح المرخص وغير المرخص لسنا بحاجة له، وكل واحد من ابناء بلدكم هو ذخر لكم، وليس عدوا كما تتوهمون. فنحن ليس لنا عدو الا عدو شعبنا وامتنا، فارفعوا سلاح الارهاب هذا وألقوه في الجحيم. ولا زلنا نتأمل الخير فيكم وعودة الى جادة الصواب، قبل ان تصبحوا نادمين او غير قادرين على العودة. اما السلطة التي تتوهم انها تريد اغراق مدننا وقرانا بآفة العنف والإرهاب، فإنني اقول لهم: اننا لن نسمح باستمرار الوضع القائم. وسجلوا ذلك في ملفاتكم المخابراتية وغير المخابراتية.

وإذا اردتُ ان اتحدث في هذه العجالة عن ام الفحم فاعلموا ان هذا البلد الصامد يقف الآن على فوهة بركان، فلا تدعوا هذا البركان يتفجر، ونحن لن نسمح بعد الآن للعنف او الارهاب ان يضرب في مجتمعنا كما تريدون. اذ ان الجماهير، التي خرجت بالمئات مؤخرا لتغلق شارع وادي عارة لساعة من الزمن، مستعدة وقادرة ان تزحف بعشرات الآلاف لإغلاق هذا الشارع. فلا تجبرونا او تضطرونا لمخالفة القانون، ونحن لا نريد ذلك. لكن اسمعوها مني جيدا ان الفحماوي غاضب وغاضب جدا، وهو لا يزال اصيلا وكريما وعظيما. وهذا الفحماوي ان لم ينعم بالأمن والاستقرار داخل ام الفحم ليلا ونهارا، فأظن انه لن يكون أمن للعابرين في شارع وادي عارة. وانتم، سواء الشرطة او الحكومة، المسؤولون اولا وآخرا عن كل تداعيات تحدث. ونحن اليوم نحذر حتى لا ينفجر هذا البركان. وإذا كنتم عاجزين او لا ترغبون في توفير الامن لبلدنا فقولوا لنا ذلك، ونحن قادرون ان نقيم حرسا مدنيا مدعوما بإجماع فحماوي، والكرة الآن في ملعب السلطات، وكفى ضحكا علينا...!!